وقد تذكر كبرى ثالثة ، وهي : براءة ذمة الناذر فيما لو نذر أن يأتي بواجب ، فإنّه لو قيل بوجوب المقدمة غيريا ، ثم أتى بهذه المقدمة ، فقد برئت ذمّته ولو لم يأت بذي المقدمة ، بخلاف ما إذا لم نقل بوجوب المقدمة ، فإنه لم تبرأ ذمته.
وحينئذ لو أجرينا استصحاب عدم وجوب المقدمة ، تثبت براءة ذمته.
وهذه الكبرى غير تامة ، لأنها موقوفة على معرفة موضوع أدلة لزوم الوفاء بالنذر ، ففي نذر صلاة ركعتين في المسجد يوجد عنوانان : أحدهما عنوان صلاة ركعتين ، وعنوان ثانوي آخر هو الوفاء ، لأنّ الركعتين وفاء.
وهنا لا إشكال في أنّ متعلّق التزام الناذر إنما هو العنوان الأول ، لأن الثاني ينشأ من الأول.
ويبقى أن نعرف متعلّق إلزام الشارع ما هو ، هل هو عنوان الوفاء بما هو وفاء بنحو الموضوعية ، أم إنّه عنوان الوفاء بما هو مشير إلى صلاة ركعتين؟.
فعلى الأول : يكون الاستصحاب الذي يجري لتحقيق أنّ هذا مصداق للطبيعة المنذورة أو لا ، يكون استصحابا مثبتا للوازم الطبيعة التي تعلّق بها التزام الناذر ، لأنّ عنوان الوفاء عنوان ثانوي ملازم عقلا مع الطبيعة التي تعلّق بها التزام الناذر.
وعلى الثاني : فلا بأس بإجراء الاستصحاب ، لأن الناذر ، إن نذر أن يأتي بواجب ثم شك ، فالحكم الشرعي تعلّق بالإتيان بواجب.
وهكذا يستخلص أن إجراء الأصل في نفس وجوب المقدمة ، لا أساس له غالبا ، على أنّ مثل هذه الثمرة يمكن تصورها في كل مسألة. هذا في المسألة الفقهية.
وأمّا المصب الثاني لإجراء الأصل ، وهو الملازمة بين الوجوبين : فمن الواضح أنه لا يجري أصل عملي ، ولا استصحاب عدم الملازمة ، وذلك بنفس