أ ـ القسم الأول : الشرط الذي يساهم في تكميل فاعلية المقتضي للإعطاء ، أو قابلية المقتضي للأخذ ، وهذا معنى المؤثرية.
ب ـ القسم الثاني : الشرط الذي لا يكون خلّاقا لأمر حقيقي ، لا بنحو تتميم فاعلية المقتضي ، ولا بنحو تتميم قابلية المحل المقتضى ، فهو ليس من قبيل تتميم فاعلية النار للإحراق ، ولا من قبيل جفاف الورقة ويبوستها الذي يتمم قابلية الورقة لأخذ هذا الاحتراق ، وإنما وظيفة هذا الشرط هي أن يقرّب المعلول إلى مكان إمكان حصوله من ناحية علته ، فأثره إعطاء صفة الإمكان للمعلول ، وسلب صفة الامتناع عنه ، من دون أن يخلق شيئا لا في النار التي تخلق ، ولا في الورقة التي تحترق ، وقد سمّى هذا بالمقدمات الإعدادية ، فالخطوات التي يخطوها الإنسان نحو الكرسي ، هي شروط للوصول إلى الكرسي لا إلى الجلوس عليه. إذن هذه الخطوات لم تتمم فاعلية الفاعل ، لأن فاعليته وقدرته على الجلوس تامة في نفسه إذا لم يكن إنسانا مشلولا ، وهي لم تتمم قابلية الكرسي لأن الكرسي ، قد رتّبه النجّار وهيّأ قابليته ، وإنما كانت هذه الخطوات دخيلة في تقريب إمكان الجلوس من الفاعل ، أو تقريب الجلوس نحو الإمكان. وعلى ضوء هذا ، فالشرط المتقدّم معقول في هذا القسم الثاني دون الأول.
وهذا الكلام رغم اشتهاره لم نتعقله ، لأنه إمّا أن يرجع إلى ما قرّرناه ، وإمّا أن لا يكون له معنى ، لأن قوله : «إن هذا الشرط يقرّب الشيء نحو الإمكان.» يعني نحو اللّاامتناع.
فهنا نقول : إنّه إن أريد بهذا اللّاامتناع ، اللّاامتناع الذاتي من قبيل اجتماع النقيضين فهو مستحيل ، لأن الماهية الممتنعة ذاتا ، يستحيل أن تقترب نحو الإمكان ، والماهية الممكنة ذاتا ، لا معنى لتقريبها نحو الإمكان ، إذ يستحيل تبدل ذاتيّات الماهية من الامتناع إلى الإمكان ، فإنه خلف ، كونه ذاتيا. وإن أريد بالتقريب نحو الإمكان واللّاامتناع ، التقريب نحو اللّاامتناع بالغير ، وهو امتناع الشيء بسبب عدم وجود علته ، كالشخص لا يحرث