وهكذا يأتي البرهان الأول ، ويلحق به الثالث المعتمد على الأمر الثاني من البرهان الأول ، لكن بعد ضمّ عناية زائدة ، وهذه العناية ، هي أنّ الممكن هل يحتاج في بقائه إلى المقتضي ، كما يحتاج في حدوثه إليه؟ وذلك أنّ البرهان الأول كنّا نثبت به أولا ، أنّ مقتضي أحد الضدين مانع ، وكنّا نثبت فيه أنّ الضد في طول مانعيّة مقتضيه ، إذن فلا يكون الضد مانعا.
وحينئذ كنّا نقول : بأنه إذا فرضنا أن بقاء السواد كان يحتاج إلى بقاء المقتضي أيضا ، فالكلام هو الكلام حيث يقال : إنّ هذا المقتضي لبقاء السواد هو بنفسه يمنع عن البياض ، وبقاء السواد في طول مانعيّة هذا المقتضي ، وعليه ، فلا يكون السواد مانعا ، وأمّا إذا قلنا : بأنّ السواد لا يحتاج في بقائه إلى مقتض ، إذن فبقاء هذا السواد ليس في طول مقتضيه كي يقال : بأنّ ذاك المقتضي في المرتبة السابقة يمنع عن البياض ، ويكون السواد في طول مانعية مقتضيه ، إذ لا مقتضي له بقاء.
وحينئذ تصبح قاعدة أن الممكن كما يحتاج إلى المقتضي حدوثا يحتاج بقاء ، هذه القاعدة ، تصبح عناية لا بدّ من ضمّها ، ليتم انطباقه على محل الكلام.
وبهذا يتضح ما قلناه سابقا : من أنّ هذا التفصيل يندفع عن بعض البراهين بقول مطلق ، ولا يندفع عن بعض البراهين بقول مطلق ، ويعلّق البعض على هذه النكتة التي تقدّم ذكرها.
وحصيلة كل ما سبق : هي أحقيّة البراهين الأربعة الأولى ، على عدم تماميّة المقدميّة ، ويضاف إلى هذه البراهين الأربعة برهان الدور ، وكذلك يضاف إليها البرهان الثامن الذي جرى على بعض الأضداد ، كما في الضدين اللذين لا ثالث لهما.
وهنا ننبه على نكتة ، وهي : إنّ مقدميّة أحد الضدين لوجود الآخر ، قد