عقابا واحدا ، فمعنى ذلك ، أنه لا أثر للأمر الثاني الترتبي ، وإنّ كان يعاقب عقابين ، فلازمه كون أحد العقابين على أمر غير اختياري وغير مقدور له ، لأنّ المكلف لم يك له قدرة إلّا على امتثال أحد الفعلين والأمرين فقط ، والعقاب على ما ليس بالاختيار ، هو كالتكليف بغير المقدور ، وهو قبيح عقلا.
وقد اختار المحقق النائيني «قده» الشق الثاني من الإشكال ، وهو كون المكلّف مستحقا لعقابين ، ومع ذلك لا يلزم منه كون أحد العقابين على أمر غير اختياري ، وأجاب عنه بجوابين : نقضا وحلا.
أ ـ الجواب النقضي : هو بالواجب الكفائي (١) الذي لا يتعقل إيجاده إلّا مرة واحدة مشروطة بترك الآخرين له ، فإذا عصاه جميع المكلفين ، فإنّ كل واحد منهم يستحق عقابا ، مع أنه لا يترقّب إلّا تحرّك واحد وامتثال واحد من أحدهم.
ويدفع هذا النقض بإبراز الفرق بينه وبين محل الكلام ، إذ في محل الكلام لا يوجد إلّا قدرة واحدة فقط للمكلّف ، وهذه القدرة متعلقة بإيجاد الجامع بين المهم والأهم في ضمن أحدهما فقط ، بينما في مورد النقض ، توجد قدرات متعددة بعدد أفراد المكلّفين ، وكل واحدة منها مشروطة بعدم مزاحمة القدرة الأخرى لها ، وحينئذ يقال : بأنه إذا عصى جميع المكلفين ، فإنهم يعاقبون جميعا ، بمعنى أنه يوزع عليهم العقاب ، لأنّ عقاب أحدهم دون الباقي بلا موجب ، إذ القدرة على الفعل قائمة في الجميع ، غايته أنها مشروطة بعدم المزاحم من كل واحد ، وتخصيص كونها في واحد ترجيح بلا مرجح ما دام أن متعلقها كفائي ، وتعلّقها بالجامع بينهم يبقى بلا جدوى ، لأنه خلف المقصود من التكليف ، إذ الجامع لا وجود له بحدّه الجامعي في الخارج ، إذن لا بدّ من القول بقيامها في كل واحد من المكلفين ، وهو معنى تعددها خارجا.
__________________
(١) فوائد الأصول : الكاظمي ج ١ ص ٢١٨. أجود التقديرات ـ الخوئي ج ١ ص ٣٠٨.