وروى الصدوق في علل الشرائع ج ٢ ص ٣٥٧ (عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إذا قمت الى الصلاة إن شاء الله فأتها سعيا وليكن عليك السكينة والوقار ، فما أدركت فصل وما سبقت به فأتمه ، فإن الله عزوجل يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ). ومعنى قوله فاسعوا هو الانكفات).
وروى علي بن إبراهيم في تفسيره ج ٢ ص ٣٦٧ عن الإمام الباقر عليهالسلام (اسعوا : اعملوا لها وهو قص الشارب ، ونتف الابط وتقليم الأظافير والغسل ولبس أفضل ثيابك ، وتطيب للجمعة فهو السعي ، يقول الله : (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ) انتهى.
وروى هذا المعنى أيضا عن أبي ذر رحمهالله ، قال السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٢١٩ (وأخرج البيهقي في سننه عن عبد الله بن الصامت قال خرجت الى المسجد يوم الجمعة فلقيت أبا ذر فبينا أنا أمشي إذ سمعت النداء فرفعت في المشي لقول الله : (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) ، فجذبني جذبة فقال : أولسنا في سعي؟!) انتهى.
وتؤيد مصادر اللغة هذا الاشتراك في مادة (سعى) فهي تستعمل في المشي السريع الذي هو دون الركض ، وتستعمل في (السعي المعنوي) وهو الاهتمام والجد في الشيء المقصود .. وأكثر ما وردت في القرآن بهذا المعنى الثاني.
قال الراغب في مفرداته ص ٢٣٣ (السعي المشي السريع وهو دون العدو. ويستعمل للجد في الأمر خيرا كان أو شرا ، قال تعالى (وَسَعى فِي خَرابِها) وقال (نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) وقال (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً ، وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ ، وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ، إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) وقال تعالى (وَسَعى لَها سَعْيَها ، كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) وقال تعالى (فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ).
وقال الخليل في كتاب العين ج ٢ ص ٢٠٢ (السعي عدو ليس بشديد. وكل عمل من خير أو شر فهو السعي ، يقولون السعي العمل أي الكسب. والمسعاة في الكرم والجود).