وقال الجوهري في الصحاح ج ٦ ص ٢٣٧٧ (سعى الرجل يسعى سعيا أي عدا ، وكذلك إذا عمل وكسب).
وقال الطريحي في مجمع البحرين ج ٢ ص ٣٧٥ (قوله تعالى فاسعوا الى ذكر الله ، أي بادروا بالنية والجد ، ولم يرد للعدو والإسراع في المشي ، والسعي يكون عدوا ومشيا وقصدا وعملا ، ويكون تصرفا بالصلاح والفساد. والأصل فيه المشي السريع لكنه يستعمل لما ذكر وللأخذ في الأمر) انتهى.
* * *
وعند ما وجد إخواننا السنة أنفسهم أمام هذا الواقع ، ورأوا أن قراءة (فامضوا) اشتباه محض من الخليفة وإصرار غير منطقي ، فاختاروا أن يبقوا الآية في مصاحفهم (فاسعوا) وأن يحفظوا كرامة الخليفة في نفس الوقت ولا يخطئوه .. فلذلك لا تجد منهم منتقدا للخليفة ، ولا متسائلا عن معنى شهادة الخليفة بأن اسعوا منسوخة!! بل تجد أن بعضهم فضل السكوت وطلب الستر والسلامة للخليفة ، كما فعل البخاري! وبعضهم قلد الخليفة وأفتى بجواز القراءة بقراءته ، وحاول أن يستر خطأه بالإصرار عليه ، مدعيا أن المضي هو السعي في لغة قريش والحجاز! ولو كان السعي مرادفا للمضي فلما ذا هرب منه الخليفة وجعل ابن مسعود يهرب منه خوفا على ردائه ، وهما حجازيان؟!
وغاية ما وصلت إليه جرأة علماء إخواننا الانتقاد البعيد بالإشارة التي لا يفهمها إلا اللبيب اللبيب .. قال البيهقي في سننه ج ٣ ص ٢٢٧ (قال الشافعي : ومعقول أن السعي في هذا الموضع العمل لا السعي على الأقدام ، قال الله تعالى (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) ، وقال (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ). وقال (وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) ، وقال (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى). وقال (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها). قال الشيخ (البيهقي) وقد روي عن أبي ذر ما يؤكد هذا) انتهى. وقد أخذها الشافعي عن أهل البيت كما رأيت!
وتبع الشافعي ابن قدامة في المغني ج ٢ ص ١٤٣ قال (... والمراد بالسعي هاهنا الذهاب إليها لا الإسراع ، فإن السعي في كتاب الله لم يرد به العدو قال الله تعالى (وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى) وقال (وَسَعى لَها سَعْيَها) وقال (سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها) وقال (وَيَسْعَوْنَ فِي