جمعه في صدره ، كما يطلق على من كتبه ودونه فيكون معناه جمعه في مصحف أو كتاب .. وعند ما يرد تعبير جمع القرآن ويوجد معه قرينة تدل على نوع الجمع المقصود فهي المتبعة ، وإن لم توجد قرينة فينبغي أن يحمل الجمع على المعنى الأقرب والأكثر شيوعا وهو جمع القرآن بكتابته ، وإن أبيت فيبقى معناه مجملا يحتمل المعنيين ، لأن ترجيح أحدهما على الآخر بلا مرجح!
وسترى أنه يوجد في عدد من أحاديث الجمع قرائن تدل على أن المقصود به جمع الكتابة ، كقول أبي بن كعب جمع القرآن فلان ابن عمنا وتوفي ونحن ورثناه .. فإنه يقصد ورثنا مصحفه لا ورثنا حفظه للقرآن ، خاصة وأن أبيا قد يكون حفظه قبله!! قال البخاري في صحيحه ج ٤ ص ٢٢٨ :
(باب مناقب زيد بن ثابت ... عن أنس رضي الله عنه : جمع القرآن على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أربعة كلهم من الأنصار : أبي ، ومعاذ بن جبل ، وأبو زيد ، وزيد ابن ثابت. قلت لأنس من أبو زيد؟ قال أحد عمومتي).
وروى البخارى في ج ٦ ص ١٠٣ :
(... حدثنا قتادة قال سألت أنس ابن مالك رضي الله عنه من جمع القرآن على عهد النبي صلىاللهعليهوسلم قال أربعة كلهم من الأنصار أبيّ بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد. تابعه الفضل ... عن أنس قال : مات النبي صلىاللهعليهوسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة : أبو الدرداء : ومعاذ بن جبل : وزيد بن ثابت : وأبو زيد ، قال ونحن ورثناه).
وروى الأول مسلم في ج ٧ ص ١٤٩ وص ١٥٠ والترمذي في ج ٥ ص ٣٣١ وأحمد في ج ٣ ص ٢٣٣ وص ٢٧٧ والبيهقي في سننه ج ٦ ص ٢١١ ورواه أحمد في مسنده ج ٣ ص ٢٣٣ و ٢٧٧ وغيرها وابن الأثير في أسد الغابة ج ٣ ص ١٠٦ والمزي في تهذيب الكمال ج ١٤ ص ١٨٦ والهندي في كنز العمال ج ٢ ص ٥٧٦ والذهبي في سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٦ .. وغيرهم.
وقال ابن الأثير في أسد الغابة ج ٤ ص ٢١٦ :
(قال أبو عمر إنما أراد أنس بهذا الحديث الأنصار. وقد جمع القرآن من المهاجرين جماعة منهم علي وعثمان وابن مسعود وعبد الله بن عمرو بن العاص وسالم مولى أبي حذيفة أخرجه الثلاثة).