مهما يكن ، فإن البخاري كان ألين من عائشة بعض الشيء في توريث النبي ، فقال في ج ٥ ص ١٤٤ :
(... عمرو بن الحرث قال : ما ترك رسول الله صلىاللهعليهوسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ، إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها ، وسلاحه ، وأرضا جعلها لابن السبيل صدقة!) انتهى. ولا بد أن النبي برأي البخاري جعل هذه الأرض سائبة .. بدون وصي ولا متول!!
هذا ، ولكن بقيت أمام مصادر إخواننا مشكلة أكبر من البغلة .. مشكلة صحيفة صغيرة من العلم كانت في ذؤابة سيف النبي صلىاللهعليهوآله ، حيث كان المسلمون يرون سيف النبي مع علي وفي ذؤابته الصحيفة! وقد طال عمر علي بعد النبي ثلاثين سنة ، وسيف النبي بيده ، وقد حارب به في الجمل وصفين والنهروان ..!
وقد توصل الرواة الى حل لهذه المشكلة .. بأن هذه الصحيفة الصغيرة هي الاستثناء الوحيد والعلم الوحيد الذي ورثه النبي لأهل بيته .. وليس فيها كثير علم ، بل فيها أحكام عامة!!
لهذا السبب تواجهك في كل مصادر إخواننا تأكيدات وتكرار مقصود لرواية عن لسان علي وأهل بيته يحلفون فيها الايمان المغلظة بأن النبي لم يورثهم غير هذه الصحيفة الصغيرة ، وأن مضمونها عام وعادي! فقد روى البخاري هذه الرواية في كتابه ثمان مرات على الأقل! كلها عن علي وأولاد علي وكلها يؤكد فيها علي (براءته) من تهمة توريث النبي إياه شيئا من العلم غير هذه الصحيفة! قال في ج ٢ ص ٢٢١ :
(... عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال ما عندنا شىء إلا كتاب الله وهذه الصحيفة عن النبي صلىاللهعليهوسلم المدينة حرم ما بين عائر الى كذا من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل وقال ذمة المسلمين واحدة فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل ومن تولى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل. قال أبو عبد الله عدل فداء).