فعمر منهم) فعمر من الثقات المتقنين الذين شهدوا الوحي والتنزيل ، فأنكر عليهم كثرة الرواية عن النبي). انتهى كلام ابن حبان.
ومعنى دفاعه : أنه يفتخر بأن طائفته أهل السنة قد اهتموا بتدوين السنة ، ولولاهم لضاعت السنة. ولا يصح الإشكال على الخليفة عمر بأنه لم يدون السنة بل نهى عن التدوين ، ونهى عن التحديث ، وحبس الصحابة بسبب ذلك ، وأحرق المكتوب ، وأمر ولاته في أرجاء الدولة الإسلامية أن يمحوا ما كتبه المسلمون ...! الخ.
وذلك لأن الصحابة معصومون ، بدليل أن النبي سلمهم أمانة الرسالة وأوصى بهم .. والنبي لا ينطق عن الهوى ، فأمره أمر الله تعالى ونهيه نهيه ، ومجرد تزكيته لصحابته وتسليمهم أمانة تبليغ رسالته للأجيال ، تجعلهم عدولا معصومين وتجعل عملهم حجة علينا فيجب أن نتبعهم ونقدسهم ، سواء دونوا السنة أم حرموا الأمة من تدوينها ، أم أحرقوا المدون منها. وسواء رووها أم منعوا من روايتها وعاقبوا من رواها ..!
فإن قال قائل : إنهم اختلفوا على آراء متناقضة لا يمكن الجمع بينها ، وسب بعضهم بعضا ، وحبس بعضهم بعضا ، وتبرأ بعضهم من بعض ، وقتل بعضهم بعضا ، وكفر بعضهم بعضا .. فهل يعقل أن يعطي الله ورسوله أمانة الرسالة بيد أناس من هذا النوع؟!
يقول ابن حبان : جوابنا على ذلك أنهم جميعا معصومون عن الخطأ مهما عملوا ، وإذا اختلفوا فالحق مع عمر ومن تبعه لأن الله أجرى الحق على لسان عمر! وإن اقتتلوا وتبرأ بعضهم من بعض ولعن بعضهم بعضا فيجب علينا أن نتولى عمر ومن رضي عنه عمر .. وندع الباقين ، والسّلام!
والظاهر أن مقصود إخواننا السنة بكلامهم عن فضائل الصحابة ، وعدالة الصحابة ، ووجوب حب الصحابة وموالاتهم وطاعتهم ، والبراءة ممن ينتقدهم أو يبغضهم .. إنما هو الخليفة عمر فقط ، لأنك عند ما تمدح جماعة أو تجعلهم أعضاء في هيئة ، ثم تقول : إن اختلفوا فالمقدم رأي فلان .. تكون أعطيته حق النقض لقراراتهم وأعطيته الرئاسة الكاملة عليهم ، ويكون مدحك لمجموعهم في الحقيقة مدحا لفلان بالأصالة وللبقية بالتبع! وهكذا يكون جوهر الجواب شخصية عمر ، ويكون معنى قول إخواننا السنة بتسليم أمانة الرسالة الى الصحابة : أن الله ورسوله قد سلما الرسالة الى الخليفة عمر!