بمعنى : أعلم. و «تشهد الرجل» بمعنى : قال كلمة التوحيد. و «نشهد» في الآية الكريمة المذكورة : بمعنى : قال المنافقون : إنا نشهد إنك لرسول الله.
** (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية .. المعنى : اتخذوا حلفهم وقاية دون أموالهم وأنفسهم وحفظا لهم من القتل والأسر فمنعوا الناس عن طريق الله أي الإسلام فما أقبح ما كانوا يعملون من الكفر والنفاق ومنع الناس عن الإسلام و «أيمانهم» : جمع : يمين : أي قسم أو حلف وقرئ إيمانهم ـ بكسر الهمزة ـ وقيل : الجنة : هي كل ما يقي ـ يحفظ ـ الإنسان وكثر استعماله في أداة الحرب التي تقي الإنسان السلاح. قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «الصيام جنة» : أي وقاية وسترة من المعاصي أو من النار.
** (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة المعنى : ذلك القول «ساء ما كانوا يعملون» في الآية الكريمة السابقة لشاهد عليهم بأنهم أسوأ الناس لأنهم آمنوا بالله ورسوله ظاهرا أي نفاقا باللسان ثم كفروا سرا ثم عادوا لكفرهم في الباطن أي كفروا قلبا أو بالقلب .. فأغلقت قلوبهم وختم عليها بسبب كفرهم .. لأن الشيء لا يطبع ولا يختم عليه إلا بعد إغلاقه فيكون المعنى : فأغلقت قلوبهم عن الفهم فهم لا يفهمون شيئا. والقول الكريم كناية عن جهلهم. يقال : فقه الشيء ـ يفقهه ـ فقها .. من باب «تعب» إذا علم وفقه ـ بضم القاف مثله .. وقيل : بضم القاف معناه : صار الفقه سجية له. قال أبو زيد : هذا رجل فقه ـ بضم القاف وكسرها ـ وهذه امرأة فقهة ـ بضم القاف ـ ويتعدى الفعل الرباعي إلى المفعول نحو : أفقهتك الشيء .. وهو يتفقه في العلم .. مثل يتعلم وبضم القاف «فقه» يكون الفعل من باب «ظرف» ويقال : فاقهه بمعنى : باحثه في العلم. والفقه ـ بكسر الفاء ـ هو الفهم ويسمى العالم بالفقه فقيها ومنه تفقه أي تعاطى ذلك ويقال : طبع الرجل على الكتاب ـ يطبع ـ طبعا .. من باب «قطع» بمعنى : ختم .. والطبع : هو السجية التي جبل عليها الإنسان وهو في الأصل مصدر وهو أيضا : الختم .. والطابع ـ بفتح الباء هو الخاتم والكسر فيه لغة .. وقيل : الطابع ـ بفتح الباء ـ هو كل ما طبع له نحو : هذا كلام عليه طابع الفصاحة : أي شكلها كذلك يقال : طابع البريد. وبكسر الباء هو سجية الإنسان التي جبل ـ أي فطر ـ عليها بمعنى : خلق عليها والسجية ـ بفتح السين وتشديد الياء ـ هي الغريزة وجمعها : سجايا ـ مثل : عطية وعطايا .. وهي الخلق والطبيعة وبمعناها أيضا : الجبلة ـ بكسر الجيم وتشديد اللام ـ وهي الطبيعة والخليقة والغريزة.
** (وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة. المعنى : وإذا رأيت يا محمد المنافقين يعجبك ضخم أجسامهم وإن يتكلموا تسمع وتصغ لكلامهم لفصاحة ألسنتهم كأنهم في مقام الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خشب مسندة إلى حائط ـ جدار ـ لا تفقه قولا. وقيل : إنما المرء بالعقل والحلم لا باللحم والشحم .. بمعنى : لا يغرنك من القوم المعلوم عظم جسمهم وطول قامتهم فقسم منهم لهم جسم الجمال وأحلام العصافير وهم الحمقى الذين يضرب بهم المثل فيقال : فلان أخف حلما من العصفور لأن العصفور يضرب به المثل لأحلام الحمقى وهو ما جاء في الآية الكريمة المذكورة أي ما ذكرته هذه الآية عن المنافقين وشبههم سبحانه بالأخشاب