(فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ) (٥)
(فَأَمَّا ثَمُودُ) : الفاء استئنافية. أما : حرف شرط وتفصيل لا عمل له. ثمود : مبتدأ مرفوع بالضمة بمعنى : بنو ثمود.
(فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ) : الفاء واقعة في جواب «أما». أهلكوا : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. بالطاغية : جار ومجرور متعلق بأهلكوا والجملة الفعلية «أهلكوا بالطاغية» في محل رفع خبر المبتدأ «ثمود».
** (الْحَاقَّةُ) (١) (مَا الْحَاقَّةُ) (٢) (وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ) : القول الكريم نصوص الآيات الكريمات الثلاث .. الحاقة : هي الساعة الواجبة الوقوع الثابتة المجيء التي هي آتية لا ريب فيها أو هي فيها حواق الأمور من الحساب والثواب والعقاب أو هي التي تحق فيها الأمور : أي تعرف على الحقيقة من قولك : لا أحق هذا : أي لا أعرف حقيقته ـ جعل الفعل لها وهو لأهلها. والأصل الحاقة ما هي؟ أي أي شيء هي؟ تفخيما لشأنها وتعظيما لهولها فوضع الظاهر «الحاقة» موضع المضمر وهو «ما هي» لأنه أهول لها. وقوله «ما أدراك» معناه : وأي شيء أعلمك ما الحاقة؟ أي إنك لا علم لك بكنهها ـ أي بسرها ـ ومدى عظمها أي تهويل الشيء المتحدث عنه.
** (كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة .. أي كذب بنو ثمود وبنو عاد بالقيامة .. والأصل في «بالقارعة» هو بالحاقة أو كذبوا بها فوضعت «القارعة» موضع الضمير لتدل على معنى القرع في الحاقة زيادة في وصف شدتها .. وأنث الفعل «كذبت» مراعاة للفظ «ثمود» و «عاد» على معنى : قبيلة ثمود ـ وهي قوم صالح ـ وقبيلة عاد ـ وهي قبيلة أو قوم هود ـ والأصل : كذب بنو ثمود وبنو عاد بدليل قوله تعالى في الآية الكريمة التالية (فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ) ولم يقل : فأهلكت وبعد حذف الفاعل المضاف «بنو» أو قبيلة أقيم المضاف إليه «ثمود» مقامه وارتفع ارتفاعه فاعلا للفعل «كذبت» ومثله في «عاد» المعنى : وكذبوا بالقيامة أو بالحالة التي تقرع الناس بالذعر وتقرع الأجرام السماوية بالانفطار أي التشقق والانتشار والمراد بها : يوم القيامة.
** (فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة .. وبعد أن ذكر سبحانه وتعالى من تفخيم أمر عمل القارعة في قرع السماء والأجرام بالانشقاق والانفطار والأرض والجبال بالدك والنسف والنجوم بالطمس والانكدار أتبع سبحانه ذكر ذلك كله ذكر من كذب بها وما حل بهم بسبب التكذيب تذكيرا لأهل مكة وتخويفا لهم من عاقبة تكذيبهم. والطاغية بمعنى : الواقعة المجاوزة للحد في الشدة .. واختلف فيها .. فقيل : هي الرجفة. وعن قتادة : بعث الله عليهم صيحة فأهمدتهم وقيل : الطاغية : مصدر كالعافية .. أي بطغيانهم .. ولكن هذا التفسير لا يطابق ما جاء في الآية الكريمة التي تلتها «بريح صرصر» وعن ابن عباس : هي الصاعقة وهي النازلة نفسها وعلى ذكر «الصاعقة» يروى أن ملكا قال لوزيره : ما خير ما يرزق الله عبده؟ قال : عقل يعيش به. قال : فإن عدمه؟ قال : صديق يستشيره في مهماته. قال : فإن عدمه؟ قال : حظ يسعده ويستر عليه. قال فإن عدمه؟ قال : صاعقة تحرقه وتريح منه البلاد والعباد.