وهو شاهد أعم من القول : ما من ملائكة وقوله تعالى «ثمانية» معناه : ثمانية منهم. وروي : ثمانية أملاك أرجلهم في تخوم الأرض السابعة والعرش فوق رءوسهم وهم مطرقون مسبحون. وقيل : بعضهم على صورة إنسان وبعضهم على صورة النسر وبعضهم على صورة الأسد وبعضهم على صورة الثور وعن شهر بن حوشب : أربعة منهم يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك .. وأربعة يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك. وعن الحسن : الله أعلم كم هم ثمانية أم ثمانية آلاف .. وعن الضحاك : ثمانية صفوف لا يعلم عددهم إلا الله.
** (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة عشرة .. و «هاؤم» أصله : هاكم .. أبدل من الكاف. وقيل : ها : صوت يصوت به فيفهم عنه معنى «خذ» كأف للتضجر وما أشبه ذلك .. واللفظتان «هات» و «هاك» متناقضتان في المعنى فالأولى معناها : أعط والثانية تعني : خذ ومختلفتان في الاستعمال أيضا فالأولى : اسم فعل أمر بمعنى : أعطني .. نحو : هات يا رجل وتكون مبنية على الكسر وهي تقال هكذا للمفرد المذكر ويلفظها بعضهم كما يكتبها «هات» وهو يخاطب الأنثى ظانا أن اللفظة مجزومة بحذف الياء والصحيح أن تخاطب الأنثى بلفظة «هاتي» كما نقول للمرأة : اذهبي. أما «هاك» فأصله : ها. وهو اسم فعل أمر مبني على السكون بمعنى : خذ. نحوها النقود : أي خذ النقود. وهاك .. ألحق باسم الفعل كاف الخطاب ويجوز مد ألفه فيقال : هاء للمفرد المذكر وهاء للمفرد المؤنث وهاؤما للمثنى المذكر والمؤنث وللجمع المؤنث : هاؤن وللجمع المذكر هاؤم وفي هذه الألفاظ استغني عن الكاف بتصريف الهمزة بعد مد ألف «ها» تصاريف الكاف ولهذا كان الأصل في «هاؤم» هاكم ثم أبدل من الكاف .. و «ها» في «كتابيه .. حسابيه .. ماليه .. سلطانيه .. هي هاء السكت لا محل لها. وحق هذه الهاءات أن تثبت في الوقف وتسقط في الوصل. وقد استحب إيثار الوقف وتثبيتها إيثارا لثباتها في المصحف الكريم .. ودخلت هاء السكت لتتبين بها حركة ما قبلها.
(وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ) (٦)
هذه الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. صرصر عاتية : صفتان ـ نعتان ـ لريح مجرورتان مثلها وعلامة جرهما الكسرة المنونة أي بريح شديدة لها صوت فيه صرصرة أي أهلكوا بريح شديدة الصوت لها صرصرة .. وقيل : بريح بارد وعاتية : بمعنى شديدة العصف والعتو متجاوزة الحد لأن «صرصر» يمكن أن تكون مشتقة من الصرير وهو الصوت أو من الصر وهو البرد.
(سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ) (٧)