أحسنهم قراءة أو غناء. واللاحن أيضا : هو الذي يخطئ في العربية أو أخطأ الإعراب وخالف وجه الصواب .. يحكى أن الحجاج سأل العالم اللغوي «يحيى بن يعمر الليثي» : إن كان يجده يلحن؟ فأجابه : الأمير أفصح من ذلك. فقال له : عزمت عليك ـ أي أقسمت عليك ـ أتجدني ألحن؟ فأجابه الليثي : نعم فقال له : في أي شيء؟ فأجابه : في كتاب الله! فرد عليه : ذلك أشنع! ففي أي شيء من كتاب الله؟ فأجابه الليثي : قرأت الآية الكريمة في سورة «التوبة» : (قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) فرفعت «أحب» وحقها النصب لأنها خبر «كان» فقال له الحجاج : لا جرم ـ أي حقا أو لا بد وهنا معناها القسم ـ لن تسمعني ألحن بشيء بعدها أبدا ثم نفاه إلى خراسان. والمنادى في «يا ليتها» محذوف تقديره : يا هؤلاء .. مثلا.
** (لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والثلاثين أي لا يأكل ذلك الطعام إلا المتعمدون الخطأ وهم الكافرون أصحاب الخطايا. يقال : خطئ ـ يخطأ ـ خطأ ـ أي تعمد الخطأ وأخطأ ـ يخطئ بمعنى : أخطأ غير متعمد. وقال أبو عبيدة : خطئ وأخطأ بمعنى واحد. وقال الأموي : المخطئ : من أراد الصواب فصار إلى غيره. والخاطئ : هو من تعمد ما لا ينبغي. و «الخطيئة» جمعها : خطايا. و «الخاطئون» هم أصحاب الخطايا وفي الآية الكريمة المذكورة معناها : الآثمون ـ جمع آثم ـ وهم المشركون. ويجوز أن يراد الذين يتخطون الحق إلى الباطل ويتعدون حدود الله. ويقال : غلط الرجل في منطقه غلطا : أي أخطأ وجه الصواب وغالطه مغالطة وغلطه تغليطا : أي قال له : غلطت. وقالت العرب : الغلط في اللسان والنسيان في الجنان والصواب : ضد الخطأ. يقال : أصاب الرأي فهو مصيب وأصاب الرجل الشيء : بمعنى : أراده ومنه قولهم : أصاب الصواب فأخطأ الجواب : أي أراد الصواب. وأصاب الرجل بغيته : بمعنى نالها ويقال : غاب أو طار صوابه : أي عقله ورشده. وهو تعبير عامي.
** (فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (٣٨) وَما لا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآيات الثامنة والثلاثين .. التاسعة والثلاثين والأربعين .. وفيه «لا» مزيدة ـ زائدة ـ مؤكدة بمعنى : فأقسم بما تبصرونه من الأشياء والعوالم المنظورة وغير المنظورة إن هذا القرآن لقول رسول كريم هو محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أي قول محمد يقوله ويتكلم به على وجه الرسالة من عند الله تعالى وقيل : إنه لقول وتلاوة رسول كريم عند الله مبلغا عن ربه وهو جبريل أو محمد ـ عليهماالسلام ـ وقيل : المعنى فلا أقسم لعدم ضرورة القسم لظهور الأمر جليا.
** (وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآيتين الكريمتين الحادية والأربعين والثانية والأربعين. الكاهن : هو الذي يأتيه حين يخبره بعض المغيبات. ولا بقول شاعر أي ليس هذا القول الكريم بقول شاعر لأن الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ليس بشاعر وليس بقول كاهن : وهو الذي يدعي علم الغيب تؤمنون أيها المشركون إيمانا قليلا .. وقليلا ما تتعظون وتتأملون بهذا القرآن.
** سبب نزول الآية : قال مقاتل في سبب نزول الآيات : الثامنة والثلاثين والتاسعة والثلاثين والأربعين هو أن الوليد بن المغيرة قال : إن محمدا ساحر وقال أبو جهل : شاعر .. وقال عقبة : كاهن. فقال الله عزوجل : «فلا أقسم .. أي أقسم».