مقداره كمقدار مدة خمسين ألف سنة مما يعد الناس وهو المقدار لغير الملائكة أي لو صعد فيها غير الملك والآية الكريمة فيها بيان ارتفاع تلك المعارج. يقال : رقي الرجل الجبل ـ يرقى ـ رقيا ورقيا وفي الجبل وإليه : بمعنى : صعد ومثله : ترقى الجبل وفيه وإليه : أي صعده وصعد فيه وإليه ومثله أيضا : ارتقى في السلم : أي ترقى بمعنى : صعد. ويقال : ارتقى الخطيب المنبر ارتقاء بمعنى : صعده. يروى أن عبد الملك بن مروان سأله ولده؟ ما الذي شيبك؟ فقال له : يا بني شيبني ارتقاء المنابر ومخافة اللحن. وعلى ذكر الارتقاء وردت أبيات للشاعر الحطيئة يصف بها صعوبة الارتقاء إلى الشعر فقال :
الشعر صعب وطويل سلمه |
|
إذا ارتقى إلى الذي لا يعلمه |
زلت به إلى الحضيض قدمه |
|
والشعر لا يطيعه من يظلمه |
يريد أن يعربه فيعجمه |
|
ولم يزل من حيث يأتي يخرمه |
وقد قيل عن هذا الشاعر : إنه ما مدح قوما إلا رفعهم وما هجا قوما إلا وضعهم وكان ذميم الشكل قبيح الوجه وقد هجا نفسه حين نظر إلى المرآة فقال :
أبت شفتاي اليوم إلا تكلما |
|
بسوء فما أدري لمن أنا قائله |
أرى لي وجها شوه الله خلقه |
|
فقبح من وجه وقبح حامله |
وقالت العرب في أمثالها عن الخائف : لا يجد في السماء مصعدا ولا في الأرض مقعدا.
ويقال : درج الصبي ـ الطفل ـ يدرج ـ دروجا .. من باب «قعد» بمعنى : مشى قليلا في أول ما يمشي ومنه «المدرج» المعروف أي الخاص بأرض المطار وهو على شكل مسطح فسيح وهو بفتح الميم والراء المخففة من درجت الطائرة ـ تدرج ـ دروجا .. وهو ما تفعله عند إقلاعها وهبوطها وهو المشي البطيء ولا نقول : مدرج ـ بتشديد الراء لأن هذه اللفظة تطلق على كل ردهة أو مكان صفت فيه المقاعد.
** (وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية عشرة المعنى يود الكافر لو يفتدي نفسه ببنيه وامرأته ـ زوجته ـ وأخيه. و «الصاحبة» مؤنث «الصاحب» وهو اسم فاعل للفعل «صحب» نحو : صاحبه مصاحبة وصحبه ـ يصحبه ـ صحبه وصحابة ـ بكسر الصاد وفتحها ـ من باب «سلم» بمعنى : لازمه ورافقه وعاشره فهو صاحب أي ملازم. قال ابن فارس وغيره : استصحبت الكتاب وغيره : بمعنى : حملته أو حمله صحبته أو جعله في صحبته. ويقال في النداء : يا صاح أي يا صاحبي وهو منادى مرخم مع أن القاعدة لا تجيز ترخيم الاسم المضاف إلا في هذه الحالة ـ أي النداء المضاف لأنه سمع من العرب مرخما وقد حذفت الياء من آخر «صاحبي» للترخيم. وتلفظ الكلمة بسكون الحاء «يا صاح» عند الوقت.
** (كَلَّا إِنَّها لَظى .. نَزَّاعَةً لِلشَّوى .. تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى) : هذا القول الكريم هو نص الآيات الخامسة عشرة .. السادسة عشرة والسابعة عشرة .. وتدعوا : بمعنى : تجذب .. والشوى : جمع «شواة» وهي جلدة الرأس أي تدعو نار جهنم ذات اللهب من أعرض أي أدار ظهره للحق واعرض عنه عن الطاعة. وقيل : الشوى : بمعنى الأطراف أيضا أي نزاعة للأطراف وهي القوائم والجلود وهي من جوارح الإنسان ما لم يكن مقتلا .. يقال : رماه فأشواه : إذا لم يصب مقتلا .. والدعوة هنا مجازية. وقيل : مجازا عن إحضارهم كأن النار تدعوهم فتحضرهم. وقيل : يجوز أن تكون الدعوة حقيقية أي يخلق الله سبحانه فيها كلاما أو يكون دعاء الزبانية وقيل : هي بمعنى : تهلك من أدبر عن الحق وتولى عنه.