قال ابن عباس : تدعو الكافرين والمنافقين بأسمائهم بلسان فصيح وتقول إلي إلي تلتقطهم كما يلتقط الطير الحب وهي : تقول لهم : إلي إلي يا كافر يا منافق. وقيل : يجوز أن يخلق الله فيها كلاما كما يخلقه في جلودهم وأيديهم وأرجلهم.
** (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً .. إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً .. وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) : هذا القول الكريم هو نص الآيات التاسعة عشرة .. العشرين .. والحادية والعشرين .. الهلع والجزع : بمعنى واحد مع اختلاف بسيط في المعنى وبالميزان الصرفي وهما اسمان ويأتيان مصدرين فالأولى من باب «تعب» أو «فرح» والثانية من الباب نفسه أي هما متفقتان معنى وصرفا واسم الفاعل هو : هلع .. جزع. وفي المبالغة : هو هلوع بمعنى : جزوع. والاختلاف بينهما هو في مجيء «جزع» بمعان غير المعنى الأول ويكون الهلع هو سرعة الجزع. قال محمد بن عبد الله بن طاهر سائلا أحمد بن يحيى : ما الهلع؟ فقال له : فسره الله ولا يكون تفسيري أبين من تفسيره سبحانه في سورة «المعارج» وفي الحديث : «من شر ما أوتي العبد شح هالع وجبن خالع».
(فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً) (٥)
(فَاصْبِرْ) : الفاء سببية .. لأن السؤال كان على وجه الاستهزاء بالرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والتكذيب بالوحي و «اصبر» فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت.
(صَبْراً جَمِيلاً) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. جميلا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «صبرا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى فاصبر يا محمد على تكذيبهم لك صبرا لا يشوبه ضجر.
(إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً) (٦)
(إِنَّهُمْ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «إن» والجملة الفعلية بعده في محل رفع خبر إن.
(يَرَوْنَهُ بَعِيداً) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول لأن «يرى» هنا من أفعال القلوب وليست من الرؤية البصرية .. والضمير ـ الهاء ـ يعود على العذاب الواقع أو على يوم القيامة في حال تعليق «في يوم» بواقع و «بعيدا» مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : يستبعدونه. أي بعيد الحصول وبعد حذف المضاف إليه «الحصول» نون آخر المضاف «بعيد» لانقطاعه عن الإضافة.