صباحا : بمعنى طاب عيشك في صباحك .. من النعمة وهي طيب العيش. وخص الصباح بهذا الدعاء لأن الغارات والكرائه تقع صباحا. قال الشاعر :
فلما عرفت الدار قلت لرابعها |
|
ألا أنعم صباحا ايها الربع واسلم |
هذا البيت للشاعر زهير بن أبي سلمى في معلقته .. يقول : وقفت بدار أم أوفى «وهو كنية حبيبته» فقلت لدارها محييا إياها وداعيا لها : طاب عيشك في صباحك وسلمت. أما قولهم «عم صباحا» فهو كلمة تحية أيضا وأصله : نعم .. ومضارعه : ينعم .. فحذفت نونه تخفيفا ومعناه : اتسع ولان. يقال : نعم عيشه ـ ينعم : أي اتسع ولان وطاب وهو من باب «تعب» أو «فرح» وهذا الوزن للفعل هو الصواب .. أما الوزن الأول نعم ـ ينعم ـ أي بكسر عين المضارع فهو من الأوزان الشاذة. وقد خفف «نعم» فصار : عم.
** (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة عشرة .. أي عذاب يوم بمعنى : كيف تدفعون عن أنفسكم إن كفرتم شر يوم تشيب لهوله الولدان؟ أي يوم يشيب نواصي الأطفال .. والأصل فيه أن الهموم والأحزان إذا تفاقمت على الإنسان أسرع فيه الشيب. قال أبو الطيب :
والهم يخترم الجسيم نحافة |
|
ويشيب ناصية الصبي ويهرم |
وكما قيل :
وما إن شبت من كبر ولكن |
|
لقيت من الحوادث ما أشابا |
روي عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : «الهم نصف الهرم» وحكي أن رجلا أمسى فاحم الشعر كحنك الغراب فأصبح هذا الرجل وهو أبيض الرأس واللحية «كالثغامة» فسئل فقال هذا الرجل : رأيت القيامة والجنة والنار في المنام ورأيت الناس يقادون بسلاسل إلى النار فمن ذلك أصبحت كما ترون. وحنك الغراب : أي كسواد الغراب .. ومنه القول : فلان أسود من حنك الغراب .. أما «الثغامة» فهي شجر أبيض الزهر ينبت في الجبال .. يقال : أثغم الرأس : بمعنى : صار ثاغما : أي أبيض.
** (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة عشرة .. المعنى : تصبح السماء متشققة لهول ذلك اليوم .. ولم يقل : منفطرة .. لأن السماء تؤنث وتذكر أو على تأويل «السماء» بالسقف. أو على معنى : السماء شيء منفطر. وقال الخليل : المعنى السماء ذات انفطار به لذلك ذكر لفظة «منفطر» وقيل : السماء هنا بتأويل السقف .. يقال : سما الشيء ـ يسمو ـ سموا : بمعنى : علا ـ يعلو ـ علوا. والسماء : هي المظلة للأرض. قال ابن الأنباري السماء : تذكر وتؤنث. وقال الفراء : التذكير قليل وهو على معى «السقف» وكأنه جمع «سماوة» مثل «سحاب وسحابة» وجمعت على «سموات» بحذف الألف الأولى خطا والنطق بها لفظا وتأتي بمعنى : السقف .. المطر ولهذا تذكر وبمعنى : السحابة .. فتؤنث .. وكل عال مظل : سماء .. ولهذا قيل لسقف البيت : سماء. والسماء : هي ما يحيط بالأرض من الفضاء الواسع وينسب إليها فيقال سمائي ـ بالهمزة ـ على اللفظ .. وسماوي ـ بالواو ـ على اللفظ أيضا واعتبارا بالأصل. والسماء فوق هذا وذاك قدست لأن فيها مسكن أرواح الأبرار وأكثر من هذا وذاك فمنها نزل الوحي إلى الرسل والأنبياء وفيها العرش الكريم .. وفيها اللوح المحفوظ. قال تعالى في سورة