لم يكن فيه شيئا يمكن ذكره بمعنى : كان عدما. والأصل : أهل أي قد أتى .. على التقرير والتقريب جميعا ولا يجوز أن يجعل «هل» استفهاما لأن الهمزة للاستفهام وحرف الاستفهام لا يدخل على مثله والمراد بالإنسان هنا : آدم ـ أي الجنس الآدمي ـ وأخرجنا منه ذريته بعد أن كان نطفة. عن أبي عيينة : الدهر عند الله يومان : أحدهما : اليوم الذي هو مدة عمر الدنيا والآخر : هو يوم القيامة .. والدهر : هو مرور الأيام وجمعه : أدهر ودهور. وفي سورة «الجاثية» : (وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) بمعنى : وما يفنينا إلا مر الزمان وطول العمر واختلاف الليل والنهار .. وقوله «شيئا مذكورا» معناه : كان شيئا منسيا غير مذكور أي كان نطفة في الأصلاب ومن أقوالهم : لا نفعل هذا الشيء آخر الدهر .. بمعنى : لا نفعله أبدا.
** (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة .. المعنى : إنا أعددنا أي هيأنا ـ مأخوذة من العتاد ـ للكافرين بالله سلاسل وقيودا للعتق ونارا متأججة. و «سلاسل» : جمع : سلسلة .. ومنه القول : هذا شيء مسلسل : بمعنى متصل بعضه ببعض. ومنه : سلسلة الحديد : وهي دائرة من حديد ونحوه تتصل أجزاؤها أو حلقاتها بعضها ببعض .. يقال : سلسل الرجل الشيء بالشيء ـ يسلسله ـ سلسلة : بمعنى : أوصله فالشيء مسلسل ـ اسم مفعول ـ وسلاسل الكتاب : هي سطوره. وقيل : إن «سلاسل» في مصاحف أهل المدينة وأهل الكوفة بالألف .. وقراءة أهل المدينة وأهل الكوفة ما عدا حمزة «سلاسلا» وحجة أبي عمرو وحمزة أن «سلاسل» ممنوع من الصرف لأنه جمع لا نظير له في المفرد وهو نهاية منتهى الجموع فثقل فمنع من الصرف والوقوف عليه بالألف. وقيل : إن «حمزة» كان يقف «سلاسلا» بالألف اتباعا للسواد ؛ أي عامة الناس. وحكى الرؤاسي والكسائي عن العرب : الوقوف على ما لا ينصرف بالألف لبيان الفتحة .. والحجة لمن نون هي ما ذكره الكسائي وغيره من الكوفيين أن العرب تصرف كل ما لا ينصرف إلا «أفعل» أي صيغة التفضيل. وقال بعضهم : كل ما يجوز في الشعر فهو جائز في الكلام ؛ لأن الشعر أصل كلام العرب فكيف نتحكم بكلامهم ونخرج الشعر منه؟ إلا أن كتاب الله الكريم المعجزة يبقى هو المرجع وهو سيد الكلام وأصل البلاغة بكل فروعها وإن كان خط القرآن سنة تتبع وقيل : إن قراءة «سلاسلا» بالتنوين فيه وجهان : أحدهما : أن تكون هذه النون بدلا من حرف الإطلاق «الألف» ويجري الوصل مجرى الوقف. والوجه الثاني : أن يكون صاحب القراءة به ممن ضري ـ أي تعود وأولع ـ برواية الشعر ومرن لسانه على صرف غير المنصرف .. وقيل : إن التنوين جاء على لغة من يصرف في نثر الكلام جميع ما لا ينصرف إلا «أفعل» والقراءات مشتملة على اللغات المختلفة. وقيل : بما أن ما كان إلى جانبه جمع ينصرف فقد أتبع الأول الثاني. أما «الأغلال» فهي جمع «غل» بضم الغين : وهو طوق من حديد يجعل في العنق. والغل ـ بكسر الغين ـ هو الحقد والغش أيضا. يقال : فلان في رقبته غل من حديد. وغل فلان فهو مغلول ـ اسم مفعول ـ ويقال .. غلله : أي وضع في يده أو عنقه الغل : أي القيد أو طوقا من الحديد أو الجلد.
** (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة .. و «العباد» : جمع «عبد» وهو ضد «الحر» أو هو الإنسان حرا كان أو رقيقا وجمعه الصحيح هو عبيد .. وقيل : العباد : خاص بالله أي بعباد الله الخاضعين المطيعين. وقيل : العبد عكس الحر يجمع على «عبيد» وهو جمع نادر ويجمع على «أعبد» و «عباد» و «عبدان» بضم