** (فَالْفارِقاتِ فَرْقاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة .. المعنى : فالملائكة الفارقات أي فرقن بما أو حين بين الحق والباطل أو بسحائب نشرن في السماء أو ففرقن بين من يشكر الله تعالى وبين من يتنكر له .. يقال : فرق بين الشيئين ـ يفرق ـ فرقا .. من باب «نصر» وفرقانا أيضا ومثله فرق الشيء تفريقا وتفرقة فانفرق وافترق وتفرق وقوله تعالى في سورة «الإسراء» : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ) قال الجوهري : من قرأ «فرق» بتخفيف الراء قال : بيناه من فرق ـ يفرق ـ ومن شدد قال : أنزلناه مفرقا في أيام. وقال ابن الأعرابي : يقال : فرقت بني الكلامين فافترقا ـ بتخفيف الراء وفرقت بين الرجلين فتفرقا .. فجعل المخفف في المعاني والمثقل في الأعيان وافترق القوم والاسم منه : الفرقة بضم الفاء وليس بكسرها لأن الفرقة ـ بكسر الفاء ـ تعني طائفة من الناس وبضم الفاء هو الافتراق أما الفعل «فرق» بكسر الراء ومصدره : فرقا ـ بفتحتين فمعناه : خاف خوفا وهو من باب «طرب» و «الفارق» هو اسم فاعل. ولهذا نقول : لا فرق بين أسلوبك وأسلوبه ولا نقول لا فارق بين الأسلوبين.
** (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية عشرة .. المعنى وإذا عين للرسل أي ضرب لهم موعد أو عين لهم وقت تحضر فيه للشهادة على أممهم وأنث الفعل «أقتت» على اللفظ أي جماعة الرسل لا على المعنى ـ جمع رسول ـ ومعنى توقيت الرسل هو تبيين وقتهم الذي يحضرون فيه للشهادة على تبليغهم الأمم رسالات الله تعالى. والوجه أن يكون «وقتت» بمعنى : بلغت ميقاتها. و «أقتت» أصله بالواو أي وقتت فأبدلت الواو همزة لثقل الضمة على الواو.
** (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية عشرة .. المعنى : فيقال : لأي يوم أجلت الرسل؟ أي لأي يوم عظيم أخر الرسل للشهادة على أممهم ونكر «يوم» تعظيما له وتعجيبا من هوله. فيقال : أجلت ليوم الفصل أي ليوم الحكم الذي يفصل فيه بين الخلائق أي إلى يوم الفصل فيفصل بينهم .. أي بين من يدخل الجنة ومن يدخل جهنم.
** (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة عشرة .. المعنى : هلاك وعذاب يوم القيامة للمكذبين بهذا اليوم وجاءت اللفظة مبتدأ وهي نكرة حيث لا يجوز الابتداء بالنكرة وسبب ذلك هو أن اللفظة في الأصل مصدر سد مسد فعله ولكنه عدل به إلى الرفع للدلالة على معنى ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه. وقيل جاءت نكرة لأنها متضمنة معنى الفعل بدعاء مثل قولنا : سلام عليك وقيل : هي قريبة من المعرفة. وقيل الويل في الأصل مصدر لا فعل له معناه : تحسر وهلاك .. وقيل : هو اسم واد في جهنم. ويقابل هذه اللفظة لفظة «ويح» واللفظتان مصدران إن أضيفا وجب نصبهما على المفعولية المطلقة وإن لم يضافا جاز فيهما النصب والرفع على الابتداء نحو : ويحك يا رجل. اللفظة هنا مفعول مطلق منصوب على المصدرية بفعل محذوف تقديره : أوبخك وهو مضاف ومثلها لفظة «ويلا لك» وقيل هما من المصادر التي لا أفعال لها ونصبهما على أصل المصدر ويجوز أن يكون النصب على النداء وقيل : اللفظتان بمعنى واحد. وقيل : ويل : كلمة عذاب .. وويح : كلمة رحمة وإن نصبهما ورفعهما على الابتداء : نحو : الويل لك وويلا لك .. والجار والمجرور هنا متعلق بصفة محذوفة من «ويلا» التقدير : ألزمك الله ويلا مستحقا لك .. ونحوه : ويل زيد وويح زيد ومثلهما لفظة «تعسا» و «بعدا» ونحوهما وهما منصوبتان دائما فنقول : تعسا له .. وبعدا له. ولفظة «ويح» كلمة ترحم