** (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية عشرة .. المعنى : ألم تنظر يا محمد إلى المنافقين أي الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر يقولون لطائفة من اليهود والله لئن أخرجكم محمد لنخرجن معكم من ديارنا.
** سبب نزول الآية : قال السدي : أسلم ناس من أهل قريظة وكان فيهم منافقون وكانوا يقولون لأهل النضير : «لئن أخرجتم ..» فنزلت هذه الآية الكريمة والمراد بالمنافقين : عبد الله بن أبي وصحبه كانوا يقولون لإخوانهم الكفرة من اليهود كبني النضير وغيرهم .. ذلك القول وهم كاذبون فيما يقولون يقال : خرج ـ يخرج ـ خروجا .. من باب «دخل» يدخل دخولا ويتعدى الفعل الرباعي «أخرج» نحو : أخرجه من داره و «المخرج» بضم الميم وفتح الراء : يكون مصدر «أخرج» ومفعولا به واسم مكان واسم زمان نحو : أخرجه مخرج صدق مخرجه .. ومنه الفعل المزيد «تخرج» و «خرج» نحو : خرج الولد في المدرسة وخرجه في اللغة : بمعنى : دربه وعلمه فتخرج وصار مخرجا ـ اسم مفعول ـ وخريجا ومتخرجا .. ومن أقوالهم غير الفصيحة : تخرج من الكلية .. والصواب تخرج في الكلية لأن المعنى : تدرب وتعلم في الكلية فتخرج فيها .. ويقولون خطأ : ألقي القبض على جماعة من الخارجين عن القانون. والصواب : على القانون لأن الخارج على القانون هو المتمرد المجاوز حده.
** (لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية عشرة .. المعنى : لئن أخرج اليهود من مساكنهم لا يخرج معهم المنافقون كما زعموا لهم ولئن قوتلوا لا يؤازرونهم ولئن نصروهم وساندوهم مضطرين ـ على الفرض ـ لينهزمن والعبارة : كناية عن الهزيمة والنكوص.
** (كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة عشرة .. المعنى : مثل اليهود كمثل من سبقوهم في زمان قريب أي عوقبوا أو قتلوا قريبا منهم أي ذاقوا عذاب القتل في الدنيا والأصل سوء عاقبة كفرهم وعداوتهم للرسول الكريم .. يقال : وبل المرتع ـ يوبل ـ وبلا ووبالا فهو وبيل : أي ثقيل وخيم والوابل : المطر الشديد ويقال : وبلت السماء .. من باب «وعد» قال الأخفش ومنه قوله تعالى : «أخذا وبيلا» أي شديدا ومثله عذاب وبيل : بمعنى : شديد .. وأصل «الوبال» الثقل والشدة ويقال : العمل السيئ وبال على صاحبه : أي سيئ العاقبة.
** (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثامنة عشرة .. المعنى يوم القيامة وقد عبر سبحانه عن الآخرة بالغد كأن الدنيا والآخرة نهاران : يوم وغد .. وسمى سبحانه يوم القيامة باليوم الذي يلي يومنا تقريبا له أي ليوم القيامة. وعن الحسن : لم يزل يقربه حتى جعله كالغد وجاءت اللفظة نكرة على تقدير : فلتنظر نفس واحدة في ذلك أي إن تفكيرها استقلال للأنفس النواظر فيما قدمن للآخرة .. وأما سبب مجيء «الغد» نكرة وهو يعني به يوم القيامة فلتعظيمه وإبهام أمره كأنه قيل : لغد لا يعرف كنهه ـ سره ـ لعظمه.