الثاني «هدى» نقول : هديت ومثله : رميت ورميت. وعند وصل الأفعال بهذين الضميرين يتبين أصلها أي آخرها هل هو واو مثل : دعوت .. أي الأصل ـ يدعو أو ياء مثل : رميت أي الأصل «يرمي» قال الحريري :
إذا الفعل يوما غم عنك هجاؤه |
|
فألحق به تاء الخطاب ولا تقف |
فإن تره بالياء يوما كتبته |
|
بياء وإلا فهو يكتب بالألف |
** (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة .. المخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أي سنقرئك القرآن على لسان جبريل ـ عليهالسلام ـ بما يلقيه من الوحي فتحفظه.
** سبب نزول الآية : قال المصحف المفسر .. حدث معه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يوما في الصلاة إذ نسي آية فذكر بها ويحتمل أن يراد في الآية الكريمة التالية «إلا ما شاء الله ..» هو النسخ أي ينسخ الله تعالى تلاوة بعض الآيات .. وجاء في التفسير الوجيز : قال مجاهد والكلبي : كان النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذا نزل عليه جبريل بالوحي لم يفرغ جبريل من آخر الآية حتى يتكلم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بأولها مخافة أن ينساها فنزلت (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) بعد ذلك شيئا فقد كفيتكه.
** (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة وفيه حذف مفعولا الفعلين المعنى : فذكر يا محمد الناس بهذا القرآن إن نفعتهم الذكرى. وجاء في تفسير الزمخشري : فإن قلت : كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مأمورا بالذكرى نفعت أو لم تنفع فما معنى اشتراط النفع؟ قلت : هو على وجهين : أحدهما أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قد استفرغ مجهوده في تذكيرهم وما كانوا يزيدون على زيادة الذكرى إلا عتوا وطغيانا .. وكان النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يتلظى حسرة وتلهفا ويزداد جدا في تذكيرهم وحرصا عليه فقيل له : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) وأعرض عنهم وقل سلام و (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى) (٩) وذلك بعد إلزام الحجة بتكرير التذكير. والوجه الثاني : أن يكون ظاهره شرطا ومعناه ذما للمذكرين وإخبارا عن حالهم واستبعادا لتأثير الذكرى فيهم تسجيلا عليهم بالطبع على قلوبهم كما تقول للواعظ : عظ المكاسين «المشاكسين» إن سمعوا منك. قاصدا بهذا الشرط استبعاد ذلك وأنه لن يكون .. وهم غير خاشين ولا ناظرين ولا مفكرين حتى يقودهم النظر إلى اتباع الحق فلا تأمل أن يقبلوا منك.
(سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) (٦)
(سَنُقْرِئُكَ) : السين حرف استقبال ـ تسويف ـ للقريب. نقرئك : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أول وحذف المفعول به الثاني اختصارا لأنه معلوم بمعنى : سنقرئك يا محمد القرآن أي ما يقرأ عليه جبريل ـ عليهالسلام ـ من الوحي فيحفظه.