(وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى) (٤)
(وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ) : الواو استئنافية. اللام لام التوكيد. الآخرة : مبتدأ مرفوع بالضمة. خير : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة ونون آخر اللفظة بعد حذف الألف طلبا للفصاحة والأصل : أخير.
(لَكَ مِنَ الْأُولى) : جاران ومجروران متعلقان بخير وعلامة جر «الأولى» الكسرة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : إن حاله في الدار الآخرة خير له من هذه الدنيا الفانية.
** (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة المعنى : ما تركك ربك يا محمد في حالة قراءة «ودع» بتخفيف الدال ـ لأن قولهم : دع ذا : أي اتركه أصله : ودع ـ يدع. وقد أميت ماضي هذا الفعل واسم فاعله فلا يقال : ودع وإنما يقال : ترك. ولا يقال : وادع ولكن يقال : تارك. وربما جاء في ضرورة الشعر : ودعه فهو مودوع .. على أصله.
** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة ردا على المشركين .. حين أبطأ على الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الوحي أياما ، فقالوا : إن محمدا ودعه ربه وقلاه. والتوديع : هو مصدر الفعل «ودع» والاسم منه : الوداع. نحو : ودع القوم المسافر يودعونه توديعا وكان وداعا رائعا بمعنى : شيعوه عند رحيله : أي خرجوا معه وتبعوه ليودعوه أما «الوداع» بكسر الواو فمأخوذ من الفعل «وادع» نحو : وادعه ـ يوادعه ـ موادعة ووداعا : بمعنى : صالحه وسالمه وفي رواية : كان الوحي قد احتبس عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ نحو خمس عشرة ليلة فقال الكفار والمنافقون إن إله محمد قد قلاه وإن الوحي جبريل ـ عليهالسلام ـ قد أبغضه فأنزل الله تعالى هذه الآية. ومن أخطائهم قولهم : ودعنا مبلغا من المال في المصرف .. والصواب : أودعنا بمعنى : جعلناه وديعة وعلى ذكر «المصرف» فهو بكسر الراء وليس بفتحها لأنه اسم مكان ومضارعه : يصرف ـ بكسر عينه أي الراء ـ.
** (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة .. المعنى : وجدك ربك يتيما لفقد أبيك .. وهو من الوجود بمعنى العلم .. فآواك أي فوجد لك المأوى وهو ضمك إلى من يكفلك وهو عمك أبو طالب والفعل «وجد» تعدى إلى مفعولين بمعنى علم .. ذلك أن أباه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مات وهو جنين وقد أتت عليه ستة أشهر وماتت أمه وهو ابن ثماني سنوات فكفله عمه أبو طالب وعطفه الله عليه فأحسن تربيته. قال الزمخشري : ومن بدع التفاسير : أنه من قولهم : درة يتيمة وأن المعنى : ألم يجدك واحدا من قريش عديم النظير فآواك. وقرئ : فأوى ـ بتخفيف الهمزة ـ وهو على معنيين : إما من «أواه» بمعنى : آواه .. وإما من أوى له : إذا رحمه.
** (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة .. والفعل «يعطي» يتعدى إلى مفعولين .. وفي الآية الكريمة حذف المفعول به الثاني اختصارا أي ادخر له ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من الثواب الذي لا يعلم كنهه إلا الله.