عبدتم .. فأدغمت التاء في التاء بعد قلب الدال تاء لفظا. وقال ابن خالويه : ولو كان في غير القرآن لجاز أن تقول : عبددم بعد قلب التاء دالا لأن الدال أجهر واقوى فيغلب القوي على الضعيف والمجهور على المهموس. ويجوز أن تكون «ما» مصدرية فتكون «عبدتم» صلة حرف مصدري و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول اسم الفاعل «عابد» بمعنى : ولا أعبد عبادتكم الباطلة.
** (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) : في هذه الآية الكريمة وما بعدها وما قبلها تكرير فإن سأل سائل فقال : ما وجه التكرير في هذه السورة؟ أجاب ابن خالويه فقال : معناه أن قوما من كفار قريش صاروا إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقالوا : أنت سيد بني هاشم وابن ساداتهم ولا ينبغي أن تسفه أحلام قومك .. ولكن نعبد نحن ربك سنة وتعبد أنت إلهنا سنة. فأنزل الله تعالى : «قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون الآن ولا أنتم عابدون فيما تستقبلون ما أعبد .. ولا أنا عابد فيما استأنف ما عبدتم أنتم فيما مضى من الزمان .. ولا أنتم عابدون الساعة ما أعبد. فإن قال قائل فقد كان فيهم من أسلم بعد ذلك الوقت فلم قيل : ولا أنتم عابدون؟ فالجواب في ذلك أن هذا نزل في قوم بأعيانهم ماتوا على الكفر وعلم الله تعالى ذلك منهم .. فأخبر أنهم لا يؤمنون أبدا ؛ كما قال تعالى : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) في قوم بأعيانهم .. وقد نفعت الموعظة قوما. وفيه جواب آخر : أن يكون الخطاب عاما ويراد به الخاص لمن لا يؤمن وإن كان فيهم من قد آمن.
(وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) (٥)
هذه الآية الكريمة مكررة في الآية الكريمة الثالثة بمعنى ولا أنتم عابدون عبادتي الصحيحة.
(لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (٦)
(لَكُمْ دِينُكُمْ) : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم محذوف والميم علامة جمع الذكور. دينكم : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة والكاف ضمير المخاطبين في محل جر بالإضافة. والميم علامة جمع الذكور.
(وَلِيَ دِينِ) : معطوفة بالواو على «لكم دينكم» وتعرب إعرابها والياء المحذوفة ضمير المتكلم في محل جر بالإضافة وحذفت الياء لأنها رأس آية أي مراعاة لفواصل الآيات بمعنى لكم دينكم وهو الشرك ولي ديني وهو التوحيد والاسلام.