ثم قال : وإنّما أطلنا هذا الفصل لما بلغنا عن بعض من لا علم له أنّ القراآت الصحيحة هي الّتى عن هؤلاء السبعة ، وأنّ الأحرف السبعة الّتى أشار إليها النبي صلىاللهعليهوآله هي قراءة هؤلاء السبعة ، بل غلب على كثير من الجهّال أنّ القراآت الصحيحة هي الّتى في «الشاطبيّة» و «التيسير» ، وأنّها هي المشار إليها بقوله صلىاللهعليهوآله : «أنزل القرآن على سبعة أحرف» ، حتّى أنّ بعضهم يطلق على ما لم يكن عن هؤلاء السبعة شاذّا ، وربما كان كثير ممّا لم يكن في «الشاطبية» و «التيسير» عن غير هؤلاء أصحّ من كثير ممّا فيهما ، وإنّما أوقع هؤلاء في الشّبهة أنّهم سمعوا نزول القرآن على سبعة أحرف ، ويسمعون قراءات السبعة ، فظنّوا أنّ هذه هي المشار إليها ، ولذلك كره كثير من المتقدّمين اقتصار ابن مجاهد على سبعة من القرّاء ، وقالوا : لماذا اقتصر على هذا العدد (١).
ثمّ أطال الكلام الى أن قال : وكان من جواب الشيخ الإمام مجتهد العصر أبى العبّاس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السّلام ابن تيمية (٢) : لا نزاع بين العلماء أنّ الأحرف السبعة الّتى ذكر النبيّ صلىاللهعليهوآله : أنّ القرآن أنزل عليها ليست قراءات القرّاء السبعة المشهورة ، بل أوّل من جمع ذلك ابن مجاهد ، فيكون ذلك موافقا لعدد الحروف الّتى أنزل عليها القرآن لا لاعتقاده أو اعتقاد غيره من العلماء أنّ القراآت السبع هي الحروف السّبعة ، وانّ هؤلاء السبعة هم الذين لا يجوز أن يقرأ بغير قراءتهم ، ولهذا قال بعض من قال من أئمّة القرّاء : لو لا أنّ ابن مجاهد سبقني الى حمزة لجعلت مكانه يعقوب الحضرمي إمام جامع البصرة ، وإمام قرّاء البصرة في
__________________
(١) النشر في القراآت العشر ج ١ ص ٣٦.
(٢) ابن تيميّة : أحمد بن عبد الحليم الحرّانى الدمشقي الحنبلي ابو العبّاس المتوفّى سنة (٧٢٨ ه) ـ الأعلام ج ١ ص ١٤٠.