زمانه في رأس المأتين.
ثم قال ابن تيميّة : ولذلك لم يتنازع علماء الإسلام المتبعون من السّلف والأئمّة في أنّه لا يتعيّن أن يقرأ بهذه القراآت المعيّنة في جميع أعصار المسلمين ، بل من تثّبت عنده قراءة حمزة والكسائي فله أن يقرأ بها ، بلا نزاع بين العلماء المعتبرين المعدودين من أهل الإجماع والخلاف ، بل أكثر العلماء الأئمّة الّذين أدركوا قراءة حمزة كسفيان (١) بن عيينة ، وأحمد بن (٢) حنبل ، وبشر (٣) بن الحارث ، وغيرهم يختارون قراءة أبى جعفر ابن القعقاع ، وشيبة بن نصاح المدنييّن ، وقراءة البصريّين لشيوخ يعقوب وغيرهم على قراءة حمزة والكسائي.
ثمّ أطال الكلام في ذلك والنقل عن جماعة من العلماء بمثل هذا القول ، وانكار الاقتصار على السبع ، وأنّ وجه الاقتصار على السبعة إنّما هو لقصور الهمم ، ونقص العلم ، وأنّه إنّما اقتصر على قراءة العشر لذلك ، وإلّا فهي غير محصورة فيهم ، إلى آخر ما ذكر.
وإنّما أطلت الكلام بنقله للتنبيه على مبدأ الأمر ونهايته حسبما صرّحوا به مضافا إلى سراية ذلك التوهّم الى أذهان جملة من الأعيان حسبما تسمع ، ولعلّه إلى ذلك أشار الشهيد في بحث المهور من «المسالك» بعد خبر الأحرف السبعة :
__________________
(١) سفيان بن عيينة بن ميمون الكوفي ، ولد بالكوفة سنة (١٠٧) ، وتوفّى بمكة سنة (١٩٨) ـ الاعلام ج ٣ ص ١٥٩.
(٢) احمد بن محمد بن حنبل الشيباني ولد ببغداد سنة (١٦٤) وتوفى سنة (٢٤١) له مصنّفات منها «المسند» ستة مجلّدات تحتوى على ثلاثين الف حديث ـ الاعلام ج ١ ص ١٩٢.
(٣) بشر بن الحارث بن عبد الرحمن المروزي المتوفى (٢٢٧) ه ـ التقريب ج ١ ص ١٢٧.