قراءة أهل البيت كذا ، وربما ينسبونها الى واحد منهم عليهمالسلام فجعلوا قراءتهم قسيما لقراءة أهل بيت الوحي والتنزيل ، بل كثيرا ما صدر ذلك من الخاصّة ، وأخبارهم به متظافرة.
قال ابن أبي الحديد في «شرح النهج» حكاية عن الشيخ أبى جعفر الإسكافى (١) في كتابه المسمّى ب «نقض العثمانية» في جملة كلام له في الإمامة : وقد تعلمون أنّ بعض الملوك ربما أحدثوا قولا أو دينا لهوى ، فيحملون الناس على ذلك حتّى لا يعرفوا غيره كنحو ما أخذ الناس الحجّاج (٢) بن يوسف الثقفي بقراءة عثمان ، وترك قراءة ابن مسعود ، وأبيّ بن كعب ، وتوعّد على ذلك ، سوى ما صنع هو وجبابرة بنى أميّة ، وطغاة بنى مروان بولد عليّ عليهالسلام وشيعته ، وإنّما كان سلطانه نحو عشرين سنة ، فما مات الحجّاج حتّى اجتمع أهل العراق على قراءة عثمان ، ونشأ أبناؤهم ، ولا يعرفون غيرها لإمساك الآباء عنها ، وكفّ المعلّمين عن تعليمها ، حتّى لو قرأت قراءة عبد الله ، وأبيّ ما عرفوها ، ولظنّوا بتأليفها الاستكراه والاستهجان ، لإلف العادة ، وطول الجهالة ، لأنّه إذا استولت على الرعيّة الغلبة ، وطالت عليهم أيّام التسلّط ، وشاعت فيهم المخافة ، وشملتهم التقيّة ، اتّفقوا على التخاذل والتساكت ، فلا تزال الأيّام تأخذ من بصائرهم ، وتنقص من ضمائرهم ، حتى تصير البدعة الّتى أحدثوها غامرة للسنّة.
وأمّا دعوى الإجماع والضرورة على تواتر السبعة أو العشرة فغير مسموعة لعدم تحقّق شيء من الأمرين ، والمحكيّ منهما غير مجد ، سيّما بعد
__________________
(١) هو أبو جعفر محمد بن عبد الله المعتزلي الإسكافي البغدادي المتوفى (٢٤٠) ـ تذكرة الحفّاظ ج ٢ / ٧١.
(٢) الحجّاج بن يوسف الثقفي الطائفي الهالك (٩٥) ـ العبر ج ١ ص ١١٢.