الخبرة التامّة بحقيقة الأمر ، وتوفّر الأمارات على انتهاء ذلك الى خطّ عثمان ، وضبط زيد بن ثابت.
على أنّه إن أريد التواتر على المشترك بين الجميع فمسلّم ، وإن أريد التواتر على خصوص كلّ منها فأوّل الكلام ، لعدم تحقّق ما هو شرط فيه قطعا من الأخبار والعدد في كلّ طبقة من الطبقات ، بل لعلّه يسرى الإشكال في الأوّل أيضا وإن كان الحكم مقطوعا فيه.
ثم إن أريد بالتواتر تواتر النقل عن السبعة أو العشرة فهو على فرضه غير مجد ، أو عن النبي صلىاللهعليهوآله فلا يحصل بذلك العدد ، سيّما مع الانتهاء الى الواحد الذي حاله معلوم ، مع أنّ المدّعى إثبات التواتر على كلّ من السبعة.
ومما مرّ ظهر ضعف ما ادّعاه الصالح المازندراني في «شرح الزبدة» من أنّ التواتر قد يحصل بسبعة نفر ، إذ لا يتوقّف على حصول عدد معيّن ، بل المعتبر فيه حصول اليقين ، وأنّ القارئين لكلّ واحد من القراآت السّبع كانوا بالغين حدّ التواتر ، إلّا أنّهم أسندوا كلّ واحدة منها الى واحد منهم إمّا لتجرّده بهذه القراءة ، أو لكثرة مباشرته لها ، ثمّ أسندوا الرّواية عن كلّ واحد منهم الى اثنين لتجرّدهما لروايتها وعدم تجرّد غيرهما.
إذ فيه المنع من حصول اليقين بنقلهم سيّما مع مخالفة المذهب مع هن وهن ، مع أنّ الكلام ليس في المشترك بل في الخصوص ، وبلوغ القارئين لكل واحدة منها حدّ التواتر أوّل الكلام ، هذا كلّه مضافا إلى ما أورده الرّازى عليهم من أنّه إذا كانت تلك القراآت متواترة ، وخيّر الله المكلّفين بينها فترجيح بعضها على بعض موجب للفسق ، مع أنّك ترى أنّ كلّ واحد من هؤلاء القرّاء مختصّ بنوع من القراءة ، ويحمل الناس عليه ويمنعهم عن غيره.