قال في بعض كتبه : القرائة عندنا هي الإظهار ، لكراهتنا الإدغام إذا كان تركه ممكنا.
وجعل تركه في «النفلية أفضل ، وعلّله في «شرحه» بأنّ التفكيك أفصح ، وأكثر حروفا ، فيكثر معه ثواب القرائة ، ولأنّ فيه إيتاء كلّ حرف حقّه من إعرابه ، أو حركته الّتى يستحقّها ، والإدغام يلبس على كثير من النّاس وجه الإعراب ، ويوهم من المقصود من المعنى في قوله : (يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) (١) (الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (٢).
وعلى كلّ حال فالأقرب عدم جواز القرائة به لاستلزامه تغيير كيفيّة الحروف بالإسكان ومادّته بالإبدال.
وأمّا ما في «الجواهر» من التوقّف في جوازه لو لا الإجماع المدّعى على القرائة بالسّبع أو العشر.
ففيه أنّ التوقف في موضعه ، والإجماع على فرض تسليمه إنّما هو في غير هذه الكيفيات الخارجة عن موادّ الكلمات.
فهو في الحقيقة تصرّف في الكلمات القرآنيّة بغير حجّة شرعيّة.
وأمّا ما في بعض كتب هذا الفنّ من الاستشهاد لهذا الإدغام ببعض أشعار العرب فمع الغضّ عن عدم ثبوت مثله لا ريب أنّه ربما دعتهم الضرورة فيه إلى تسكين المتحرّك وتحريك الساكن من غير الاقتصار في ذلك الى مواضع الإدغام ، ولذا يغتفر ما لا يغتفر في غيره ، بل قد اشتهر عندهم الاعتذار بضرورة الشعر ، وإن أجيب بأنّه لا ضرورة في الشعر.
__________________
(١) النمل : ٤٠ ـ لقمان : ١٢.
(٢) الحشر : ٢٤.