حد ولكل حدّ مطلع أي مصعد يصعد اليه من معرفة علمه ، وبكسر اللام القوى العالي القاهر (١)
قلت : الوجه الأول المذكور في «النهاية» كأنّه بالفتح والتشديد كالأول من القاموس أيضا ، والوجه الثاني المستفاد من الأول التخفيف ، والثالث المستفاد من الثاني الكسر والتشديد ، ومعناه على فرض احتماله في المقام أنّ لكل حد من الحدود الشرعية وليّا قويّا قاهرا يقوم بإقامته على مستحقه.
ثمّ إنّه قد فسّر الحد في العلوي المتقدم بأحكام الحلال والحرام ، والمطلع بمراد الله تعالى من العبد بها أي بتلك الأحكام أو بتلك الآية ، ولعل الثاني أظهر ، والمراد بقوله لكل آية حدّ اشتماله على حكم من الأحكام الشرعية الفرعية من الحلال والحرام وإن كانت الآية بحسب الظاهر من القصص والمواعظ وغيرها مما لا يستفاد لنا منها شيء من الأحكام ، أو أنّ لها حكما من حيث التحقق والتخلّق والاتّصاف ، أو القبول والتصديق أو غير ذلك ، والأول أنسب ، ومعه فالمراد بالمطلع المفسر في الخبر إنما هو التحقق والتخلق وتحصيل الملكات الفاضلة المطلوبة التي هي مراد الله من العبد بتلك الخطابات والأحكام ، ويحتمل أيضا أن يكون الظاهر والباطن للآية من حيث نفسها بأن يراد بهما النوع وإن انتهى أحدهما أو كلاهما الى السبعين أو أكثر ، والحدّ والمطلع لها بالنسبة الى تكاليف المكلّفين ، وأحكامهم وحدود استعدادهم وقابليّاتهم المقتضية لاختلاف أحكامهم ولو باختلاف في شرائط التكليف من العلم والقدرة وغيرهما مما يرجع الى اختلاف الموضوع ، فلكل آية لكل واحد من آحاد المكلفين حدّ هو حكمه ، وإن اشتركت ألوف منهم في حكم واحد لكونهم من مصاديق موضوع واحد ، ولها
__________________
(١) تاج العروس في شرح القاموس تأليف الزبيدي ج ٥ ص ٤٤٢.