أفضل ممّا دون العرش إلى أسفل التخوم (١).
الى غير ذلك ممّا مر من الأخبار المتقدّمة الدالّة على شرف القرآن وحملته.
ثمّ إنّ استشعار العظمة ربما يحمل صاحبه على تحمّل المشاقّ العظيمة والأخطار الجسمية ، بل ربما لا يشعر بها أصلا.
ففي «البحار» عن بعض تواريخ أسفار النبيّ صلىاللهعليهوآله : أنّه قصد قوما من أهل الكتاب قبل دخولهم في الذمّة ، فظفر منهم بامرأة قريبة من زوجها ، وعاد من سفره ، وبات في طريقه ، وأشار الى عمّار وعبّاد بن بشر أن يحرساه ، فاقتسما الليلة قسمين ، وكان لعبّاد بن بشر النصف الأوّل ، ولعمّار بن ياسر النصف الثاني ، فنام عمّار ، وقام عبّاد يصلّي وقد تبعهم اليهودي يطلب امرأته أو يغتنم ، فنظر الى عبّاد بن بشر يصلّي في موضع العبور فلم يعلم في ظلام الليل هل هو شجرة أو دابّة ، أو إنسان ، فرماه بسهم فأثبته فيه فلم يقطع الصلاة ، فرماه بآخر ، فخفّف الصلاة وأيقظ عمّار ، فرأى عمّار السّهام في جسد عبّاد فعاتبه وقال : هلّا أيقظتنى في أوّل سهم؟ فقال : كنت بدأت بسورة الكهف فكرهت أن أقطعها ، ولو لا خوف أن يأتى على نفسي ويصل الى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأكون قد ضيّعت ثغرا من ثغور المسلمين لما خفّفت صلاتي ولو أتى على نفسي ... فدّع العدوّ عما أراده» (٢).
وفي تفسير الإمام عليهالسلام : خبر صلاة أبى ذرّ الغفاري واستشعاره عظمة الربّ فيها ، وتوكيل الله تعالى أسدا لحفظ قطيعة غنمه (٣) على ما يأتى إنشاء الله تعالى
__________________
(١) تفسير الإمام عليهالسلام ص ٤ ـ بحار الأنوار ج ـ ٩٢ ص ١٨٢.
(٢) بحار الأنوار ج ٢٢ ص ١١٦ عن الأمان من اخطار الأسفار والأزمان ص ١٢٢.
(٣) بحار الأنوار ج ٢٢ ص ٣٩٣ عن تفسير الامام عليهالسلام ص ٢٦.