في تفسير (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) من سورة البقرة.
ومن الوظائف الباطنيّة : حسن الإصغاء إلى آيات القرآن وإشاراته قارئا ومستمعا ، فإنّ القرائة لا تنافي الاستماع ، وللتهيّؤ لحسن التدبر والقبول ، وذلك لأنّ القارئ إنّما يتلو كتاب الله ويحكيه على ما أنزله ، لا أن ينشأوه من نفسه.
ولذا قال مولانا الصادق عليهالسلام : «فانظر كيف تقرأ كتاب ربّك ومنشور ولايتك ، وكيف تجيب أوامره ونواهيه ، وكيف تمثّل حدوده» (١).
وقال مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام في كلام طويل في وصف المتقين : «أمّا الليل فصافّون أقدامهم ، تالين لأجزاء القرآن ، يرتّلونه ترتيلا ، يحزنون به أنفسهم ، ويستثيرون به دواء دائهم (٢) ، فإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا ، وتطلّعت نفوسهم إليها شوقا ، وظنّوا أنّها نصب أعينهم ، وإذا مرّوا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنّوا أنّ زفير جهنّم وشهيقها في أصول آذانهم» (٣).
واعلم أنّ القارئ حال قراءته متكلّم من وجه ، ومستمع من وجه آخر ، فمن الجهة الاولى لا بدّ له من حسن المخاطبة واستشعار حضور المخاطب ، ومن الجهة الثانية لا بدّ له من حسن الإصغاء والاستماع.
ولذا ورد من مولانا الصادق عليهالسلام قال : «إنّ الله عزوجل أوحى الى موسى بن عمران : إذا وقفت بين يديّ فقف موقف الفقير الذليل ، وإذا قرأت التوراة
__________________
(١) المحجّة البيضاء ج ٢ ص ٢٤٩ عن مصباح الشريعة ص ١٣ و ١٤.
(٢) في بعض النسخ : ويستثيرون به تهييج احزانهم بكاء على ذنوبهم.
(٣) نهج البلاغة خ ١٩٢ ـ المجالس للصدوق ٣٤١.