ولذا ورد الأمر بالتخلّق بأخلاق الله ، وبأخلاق الروحانيّين ، بل هو مفتاح لكنوز القرآن ، ومصباح يتجلّى به خفايا المعاني والبيان.
ففي العلويّ كما عن المسيح النورانى ما معناه : «ليس العلم في السماء فينزل عليكم ، ولا في تخوم الأرض فيصعد إليكم ، ولكنّه مجبول في قلوبكم بأخلاق الله يظهركم».
وقد ورد في تفسير قوله تعالى : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) (١) : أنّ المراد بقوّة في الأبدان والقلوب ، فالقوّة في الأبدان هي الأفعال ، والأعمال التي منها الأقوال حسبما سمعت ، وفي القلوب هي الملكات والأخلاق الحسنة ، والأحوال الجميلة التي مرجعها إلى التخلّق عن الرذائل ، والتحلّى بأنواع الفضائل.
وهذا هو المراد باختلاط القرآن باللّحم والدّم فيما روى عن مولانا الصادق عليهالسلام أنّه قال : «من قرأ القرآن وهو شابّ مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه ، وجعله الله مع السفرة الكرام البردة ، وكان القرآن حجيزا (٢) عنه يوم القيامة يقول : يا ربّ إنّ كلّ عامل قد أصاب أجر عمله غير عاملي فبلّغ به أكرم (٣) عطائك ، قال : فيكسوه الله العزيز الجبّار حلّتين من حلل الجنّة ، ويوضع على رأسه تاج الكرامة ، ثمّ يقول له : هل أرضيناك فيه؟ فيقول القرآن : يا ربّ قد كنت أرغب له فيما هو أفضل من هذا ، قال : فيعطى الأمن بيمينه ، والخلد بيساره ، ثمّ يدخل الجنّة ، فيقال له : اقرأ آية فاصعد درجة ، ثم يقال له : هل بلّغنا به
__________________
(١) البقرة : ٦٣.
(٢) في البحار : حجيجا عنه.
(٣) في البحار : كريم عطاياك.