وأرضيناك؟ فيقول : نعم (١).
وروى أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لابن مسعود : «اقرأ عليّ ، قال : فافتتحت سورة النساء ، فلمّا بلغت (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) (٢) رأيت عينيه تذرفان من الدّمع فقال لي : حسبك (٣).
وذلك لاستغراق تلك الحالة لنفسه بالكلّية.
وروى أنّه جاء إليه صلىاللهعليهوآله واحد ليعلّمه القرآن ، فانتهى الى قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (٤) فقال الرجل يكفيني هذا وانصرف ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : انصرف الرجل وهو فقيه (٥).
وذلك إنّما كان لتأثّره وحسن إجابته ، واستعداده للعمل.
وقد تحصّل لك ممّا سمعت أنّ لكلّ جزء من أجزاء وجود الإنسان وظيفة في قراءة القرآن ، فوظيفة اللّسان هو الترتيل ، وحسن البيان ، ووظيفة الأركان المبادرة إلى الامتثال للتحقّق بكمال الإذعان ، ووظيفة العقل تفسير المعاني وإدراك البرهان ، ووظيفة الجنان هو الاستبشار وزيادة الإيمان ، ووظيفة الفؤاد الذي هو أعلى مشاعر الإنسان هو الشهود والعيان ، والاستيناس بمناجاة الملك المنّان.
ومن الوظائف الباطنيّة : التبرّي من حوله وقوّته ، لأنّه يعلم أنّه لا يملك
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٩٢ ص ١٨٧ ح ٩ عن ثواب الأعمال ص ٩١.
(٢) النساء : ٤١.
(٣) جامع الأخبار والآثار ج ١ ص ٢٩١ عن تيسير المطالب.
(٤) سورة الزلزال : ٧.
(٥) بحار الأنوار ج ٩٢ ص ١٠٧.