لنفسه نفعا ولا ضرا ، ولا يستطيع موتا ، ولا حياة ، ولا نشورا ، بل الفضل كلّه بيد الله يؤتيه من يشاء ، فلا يلتفت إلى نفسه أصلا ، فضلا عن أفعاله ، وأحواله ، وطاعاته التي هي كلّها تقصير ، وقصور ، خالية من النّور والسرور ، فليتّهم نفسه في كلّ حال ، وليتدارك ما فات عنه من الفضائل وتزكية الأعمال ، وليتوسّل في كلّ ذلك إلى النبيّ محمّد وآله خير آل مستشفعا بهم صلوات الله عليهم إلى الله ذي العزّ والجلال ، وليكن بما ورد عنهم عليهمالسلام في تفسير الآيات من الأخبار والآثار ، فإنّها مفاتيح كنوز الأسرار ، ولوامع الأنوار ، وليتّعظ بها قلبه بالانبساط والانزجار الذين هما ثمرة البشارة والإنذار.
ومن الوظائف : الترقّي بحسب تدرّج الأحوال إلى درجات الكمال والاستغراق في مقام التوجّه والإقبال للوصول إلى الأنس بمناجات ذي الجلال.
وقد يقال : إنّ درجات القرآن ثلاث :
أدناها : أن يقدّر العبد كأنّه يقرأ على الله تعالى واقفا بين يديه ، وهو ناظر اليه ، ومستمع منه ، فيكون حاله عند هذا التقدير الثناء والسؤال ، والتضرّع والابتهال.
وأوسطها : أن يشهد بقلبه كأنّه سبحانه يخاطبه بألطافه ، ويناجيه بانعامه وإحسانه ، وهو مقام الحياء والتعظيم له والإصغاء إليه والفهم منه.
وأعلاها : أن يرى في الكلام والمتكلّم الصّفات ، فلا ينظر الى قلبه ، ولا إلى قراءته ، ولا إلى تعلّق الإنعام به من حيث إنّه منعم عليه ، بل يقتصر همّه على المتكلّم ، ويوقف فكره عليه ويستغرق في مشاهدته.
وهذه درجة المقرّبين ، وعنه أخبر مولانا الصّادق عليهالسلام حيث قال : «لقد