تجلّى الله تعالى لخلقه في كلامه ولكنّهم لا يصبرون» (١).
وعنه عليهالسلام أيضا وقد سألوه عن حالة لحقته في الصلاة حتّى خرّ مغشيّا عليه ، فلمّا أفاق قيل له في ذلك ، فقال عليهالسلام : «ما زلت أردّد هذه الآية على قلبي حتى سمعتها من المتكلّم بها ، فلم يثبت جسمي لمعاينة قدرته (٢).
ففي مثل هذه الدرجة تعظيم الحلاوة ، وبهذا الترقّى يكون العبد ممتثلا لقوله تعالى : (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ) (٣).
وبمشاهدة المتكلّم دون ما عداه يكون ممتثلا لقوله تعالى : (وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) (٤) ، فإنّ رؤية غير الله معه شرك خفيّ لا يخلص منه إلّا برؤيته وحده.
ثمّ إنّ المراد بالتجلّى المذكور في الخبر هو التجلّى الفعليّ بصفة التكلّم الّتي هي من صفات الأفعال ، فمن أدرك بظهوره له به فقد عرف نفسه ، ومن عرفها فقد فقدها : لأنّه لا يتجلّى له حينئذ إلّا الواجب الحقّ ، والقيّوم المطلق الذي بفيضه قامت السّماوات والأرض ، وحينئذ يندكّ بل إنيّته ولا يقدر على الاستقرار ، ولذا يخرّ مغشيّا عليه ، كما كان يعرض كثيرا للنبيّ صلىاللهعليهوآله وللأئمّة المعصومين عليهمالسلام على ما هو معلوم من أحوالهم في آناء الليل وأطراف النّهار.
بل الغشوة العارضة له عند نزول الوحي والإلهام ، وسماع الكلام من الملك العلّام على ما مرّت الإشارة إليه ، والى ما قاله مولانا الصادق عليهالسلام لمّا سئل عن
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٩٢ ص ١٠٧.
(٢) مستدرك الوسائل ج ٤ ص ١٠٧ عن فلاح السائل ص ١٠٧.
(٣) الذاريات : ٥٠.
(٤) الذاريات : ٥١.