تدلّ على فضله على أولي العزم الذين هم أفضل من آدم ، وايضا لا تدلّ على فضل الملك على نبيّنا وآله الطّاهرين صلّى الله عليهم أجمعين الّذين هم أفضل من جميع الأنبياء والمرسلين.
ومنها قوله تعالى حكاية عن النسوة على وجه التقرير في تفاوت الدّرجة لا النّفي (ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) (١) بناء على أنّه ليس المراد وقوع التشبيه في الصورة بل في السيرة حيث انّه شبّهه بالملك الكريم ، والملك إنّما يكون كريما بسيرته المرضيّة الّتي هي نفي دواعي البشريّة من الشهوة والغضب والحرص على طلب المشتهى واثبات أضدادها من العصمة وغضّ البصر وقمع موادّ الشهوات والميل إلى المحرّمات ، فدلّ على أنّ جنس الملك أفضل من جنس البشر حتّى بالنّسبة إلى نوع الأنبياء كما هو قضيّة المورد.
والجواب أنّ هؤلاء النسوة اوّل ما رأين من يوسف إنّما هو حسن الصورة وكمال الجمال بحيث لم يرين مثله أحدا من الرجال ولذا نفين عنه البشريّة وظهر لهن عذر امرأة العزيز في شدّة عشقها له وعند ذلك قالت (فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) (٢) ولذا قيل إنّه كالصّريح في أنّ المراد إنّما هو حسن الصّورة لا كمال السّيرة ، سلّمنا انّ المراد هو التشبيه في الاعراض عن المشتهيات إلّا أنّه قد ظهر ممّا مرّ انّ قليل الاعراض من البشر يوجب كثير الثواب وكثير الاعراض من الملك يوجب قليل الثواب لمعارضة القوى المتضادّة في البشر دون الملك.
__________________
(١) يوسف : ٣١.
(٢) يوسف : ٣٢.