واحد من الملائكة علّم محمّدا صلىاللهعليهوآله وهو خاتم النّبيين وأفضل المرسلين ولا ريب أنّ المعلّم أفضل من المتعلّم وإذا ثبت فضله عليه ثبت فضله على الجميع ، وايضا وصفه في الآية بشدّة القوى وغيرها من الأوصاف المذكورة في الآيات التّالية.
وقد يقرّر اعلميّة جبرئيل بانّ العلوم قسمان : أحدهما العلم بالمبدإ الحقّ وصفاته وأسمائه وهما مشتركان في معرفته ، والاخر العلم بأفعاله واحوال مخلوقاته من الدّرة إلى الذّرة ، ولا شكّ أنّ جبرئيل عليهالسلام أعرف بها لأنّه أطول عمرا واكثر مشاهدة لها فكان علمه بها اكثر واتمّ هذا في العلوم الكونيّة وامّا العلوم الشرعيّة الّتي لا يتوصل إليها إلّا بالوحي فهي لم تحصل لمحمّد صلىاللهعليهوآله ولا لاحد من الأنبياء إلّا بواسطة جبرئيل الّذي هو أمين الوحي ولذا كان واسطة بينه تعالى وبين جميع الأنبياء فكان عالما بجميع الشّرائع والأحكام مع علمه بشرائع الملائكة ايضا ولم يحصل هذه العلوم لواحد من الأنبياء ، وقد قال سبحانه : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (١).
والجواب أنّ الأعلميّة ممنوعة جدّا كيف وقد تواترت الأخبار بأنّ النّبي والأئمّة صلّى الله عليهم كانوا معلّمين لجبرئيل وغيره من الملائكة المقرّبين ، وانّ الملائكة لخدّامهم وخدّام محبّيهم ، وانّ جبرئيل إذا أتى النّبي صلىاللهعليهوآله كان يقعد بين يديه قعدة العبد ، وكان لا يدخل حتّى يستأذنه وانّه ما شرّفت الملائكة إلّا بحبّها لمحمّد وعلي عليهماالسلام وقبولها لولايتهما ، وانّ الملائكة إنّما خلقوا بعد شيعيتهم وسبّحوا بعد تسبيحهم معلّما منهم والا فقد مكثوا مائة عام لا يعرفون تسبيحا ولا تهليلا إلى غير
__________________
(١) الزمر : ٩.