بخلقة النّار ، واستوهنوا خلق الصلصال فأعطاه الله النظرة استحقاقا للسخطة واستتماما للبلية وانجازا للعدة فقال : انك من المنظرين (١) الخطبة.
حيث انّ الظاهر منها تعدّد المتمرّدين فانّ القبيل في الأصل الجماعة تكون من الثلاثة فصاعدا من قوم شتّى ، فان كانوا من أب واحد فقبيله ، ولعلّ المراد بقبيله وذرّيته الّذين رضوا بفعله ، ولذا قال عليهالسلام : إنّما يجمع الناس السخط والّرضا (٢).
ويؤيّده قوله بعد صيغ الجمع فأعطاه الله النظرة ، وربما يحتمل ايضا أن يكون المراد به أشباهه من الجنّ في الأرض بأن يكونوا مأمورين بالسجود ايضا وعدم ذكرهم في الآية والاخبار للاكتفاء بذكر رئيسهم ، أو المراد به طائفة خلقها الله في السماء غير الملائكة ، وفيهما تكلّف ، والأوّل أولى وقال تعالى : (إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ) (٣) فتأمّل.
(أَبى) : امتنع أن يتواضع لجلال عظمة الله وأن يتواضع لأنوار أهل البيت وقد تواضعت له الملائكة كلّها.
(وَاسْتَكْبَرَ) وترفّع استنكافا عن عبوديّته سبحانه واستصغارا لمن رفعه الله وشرّفه وخصّه دونهم بالعلم والخلافة ، فلم يخضع له ولم يتخذه وسيلة إلى التقرّب إليه سبحانه ، والإباء ترك الطاعة باختيار ، قيل : وليس الإباء بمعنى الكراهة لأنّ العرب تتمدح بانّها تأبى الضيم ولا مدح في كراهة الضّيم وانّما المدح في الامتناع
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد : ج ١ ص ٩٧ ط مصر.
(٢) بحار الأنوار : ج ١١ ص ٣٧٩ وفيه : إنّما يجمع الناس الرضى والسخط.
(٣) الأعراف : ٢٧.