قبضه اليوم وأنت وصيّه ووارث علمه ، وأنت تقوم مقامه ، فكيف نتقدّمك وأنت إمامنا؟ فصلّى بهم عليه كما أمره ، ثمّ أراه كيف يدفنه ، فلمّا فرغ من دفنه وذهب جبرئيل ومن معه ليصعدوا من حيث جاءوا بكى شيث ونادى : يا وحشتاه فقال له جبرئيل : لا وحشة عليك مع الله تعالى يا شيث ، بل نحن نازلون عليك بأمر ربّك وهو يونسك فلا تحزن وأحسن ظنّك بربّك فإنّه بك لطيف وعليك شفيق ، ثمّ صعد جبرئيل ومن معه ، وهبط قابيل من الجبل ، وكان على الجبل هاربا من أبيه آدم عليهالسلام ايّام حياته لا يقدر أن ينظر إليه فلقي شيثا فقال : يا شيث إنّي إنّما قتلت هابيل أخي لأنّ قربانه قد تقبل وقد خفت أن يصير بالمكان الّذي قد صرت أنت اليوم فيه ، وقد صرت بحيث اكره ، وان تكلّمت بشيء ممّا عهد إليك أبي لأقتلنّك كما قتلت هابيل.
قال زرارة : ثمّ قال أبو عبد الله عليهالسلام بيده إلى فمه فامسكه يعلمنا اي هكذا انا ساكت «فلا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة» معشر شيعتنا فتمكنوا عدوّكم من رقابكم فتكونوا عبيدا لهم بعد إذ أنتم أربابهم وساداتهم. الخبر (١).
وفي خبر آخر عن أبي جعفر عليهالسلام قال : أرسل آدم ابنه إلى جبرئيل فقال : قل له : يقول لك أبي : أطعمني من زيت الزّيتون الّتي في موضع كذا وكذا من الجنّة ، فلقاه جبرئيل فقال له إرجع إلى أبيك فقد قبضه الله وأمرنا بإجهازه والصلاة عليه ، قال : فلمّا جهّزوه قال جبرئيل : تقدّم يا هبة الله فصلّ على أبيك فتقدم وكبّر عليه خمسا وسبعين تكبيرة سبعين تفضيلا لآدم وخمسا للسّنة قال : وآدم عليهالسلام لم يزل
__________________
(١) بحار الأنوار ج ١١ ص ٢٦٢ ـ ٢٦٤.