من الله تعالى الى قلب النبي صلىاللهعليهوآله أمرهم بالتصديق بهذا القرآن المنزل ، وأخبرهم أنّ في تصديقهم بالقرآن تصديقا منهم للتوراة والإنجيل لأنّ الذي في القرآن مصداق لهما ومؤكد للايمان بهما. من حيث إنّه مطابق لهما في القصص ، والمواعيد ، والدعاء الى التوحيد والأمر بالعبادة ، والعدل بين الناس ، والنهي عن المعاصي والفواحش.
وما يخالفها من الأحكام الجزئية إنّما هو بسبب تفاوت الأعصار في المصالح من حيث إنّ كل واحدة منها حقّ بالإضافة إلى زمانه ، مراعى فيها صلاح الأنام ، ومن خوطب بالكلام من الله ، حتى لو نزّل المتقدّم من الأحكام في الأيّام المتأخر منهما لكان على وفقه بأبلغ وجه ، ولذا قال صلىاللهعليهوآله : «لو كان موسى حيّا لما وسعه إلّا اتّباعي». (١) وقيل : معنى (مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) أنّه تصديق بالتوراة والإنجيل لأنّ فيهما الدلالة على أنّه حقّ ، وأنّه من عند الله ، وفيهما البشارة ببعثة محمّد صلىاللهعليهوآله ، وبيان نعوته وصفاته ، فكان الإيمان بمحمّد صلىاللهعليهوآله وبالقرآن تصديقا للتوراة والإنجيل ، وتكذيبه تكذيبا لهما.
والتفسير الثاني أولى لأن يكون حجة عليهم إذ على التفسير الأوّل لقائل أن يقول : التوافق في بعض المعاني لا يوجب أن يكون القرآن من عند الله فلا يلزم عليهم وجوب الايمان به.
وأمّا على الثاني فيلزم عليهم الإيمان بحقيّة القرآن وتصديق الرسول صلىاللهعليهوآله إذا
__________________
(١) البحار : ج ١٦ ص ٣٦٦.