إشكال ودفع : أما الاول : فهو أنه إذا كان الامر الغيري بما هو لا إطاعة له ، ولا قرب في موافقته ، ولا مثوبة على امتثاله ، فكيف حال بعض المقدمات كالطهارات ، حيث لا شبهة في حصول الاطاعة والقرب والمثوبة بموافقة أمرها ، هذا مضافا إلى أن الامر الغيري لا شبهة في كونه توصليا ، وقد اعتبر في صحتها إتيانها بقصد القربة (١).
______________________________________________________
بينة ذكر هذا الدليل ، والسبب لحكم العقل بعدم الاستحقاق الا لعقاب واحد وهو على ترك الواجب النفسي وان تعددت مقدماته لا على ترك المقدمات وإلّا لتعدد العقاب.
وحاصل هذا الدليل : ان الثواب والعقاب يدوران مدار القرب من المولى والبعد عنه ، ولا قرب في اطاعة الامر الغيري ولا بعد في مخالفته ، وانما القرب والبعد في اطاعة الواجب النفسي وعصيانه لذلك لم يكن للامر الغيري عقاب ولا ثواب.
ولكن هذا أيضا كدعوى بلا بينة ، فانه لقائل ان يقول : انه بعد ان كان الامر الغيري في عرض الامر النفسي من حيث كونه له وجود وتحقق فلما ذا لا تكون اطاعته مقربة ومعصيته مبعدة ، فالاولى ان يعلل بما ذكرنا ليكون هو السبب في حكم العقل بعدم الاستحقاق وبعدم القرب والبعد ، ولعل قوله (قدسسره) : «لا بما هو شروع في اطاعة الامر النفسي» يشير إلى ما ذكرناه : من ان الامر الغيري حيث انه ارادة قهرية تابعة لارادة ذي المقدمة فليس الامر بها لاقتضاء ذاتها للامر ، بل المقتضي لها هو الواجب النفسي ، فليس لها اطاعة وانما يكون اتيانها شروعا في اطاعة الامر النفسي ومن شئونها ، ولذا لا توجب قربا لنفسها ولا بعدا لذاتها فلا يكون لها ثواب ولا عقاب اللذان هما من تبعات ولوازم القرب والبعد.
(١) الأول : هو الاشكال ، وهو اشكالان أشار إلى اولهما بقوله : فهو انه إذا كان إلى آخره.
والى ثانيهما : بقوله : هذا مضافا إلى ان الامر الغيري إلى آخره.