ثم لا يخفى أنه ينبغي خروج الاجزاء عن محل النزاع ـ كما صرح به بعض ـ وذلك لما عرفت من كون الأجزاء بالأسر عين المأمور به ذاتا ، وإنما كانت المغايرة بينهما اعتبارا ، فتكون واجبة بعين وجوبه ، ومبعوثا إليها بنفس الأمر الباعث إليه ، فلا تكاد تكون واجبة بوجوب آخر ،
______________________________________________________
وتقريبه انه حيث كان الكلام في مقدميّة الأجزاء للكل لأجل إمكان ان تكون واجبة بوجوب مقدّمي فلذات الجزء الذي له وجود مستقل لحاظ لا يرتبط بكونه جزءا : بان تلحظ ذاته من حيث هي ، لا من حيث كونه جزءا ، ولحاظ : بان يلحظ كل جزء منفردا عن الكل بما انه بعض هذا الكل وهذا لحاظ صحيح لذات كل جزء منفردا ، فإن كل جزء بنفسه إذا لحظ بالنسبة إلى تألف الكل منه هو بعضه وجزء من الكل ، ففي هذا اللحاظ حيثية التضايف بين الكل والجزء محفوظة ولا يلزم في لحاظ الجزئية ملاحظة مجموع الأجزاء ، كما ذكرنا سابقا.
ولا يخفى ان لحاظ الجزء بهذا اللحاظ : أي بما هو بعض الكل هو من اللحاظ البشرطلائي ، لانه ملحوظ بما هو غير الكل : بنحو انه بعضه ولحاظ بما هو بعض مضايف للحاظ الكل وهو في قبال الكل وبشرط لا من ناحية الكلية ، لوضوح كون البعضيّة في قبال الكلية ـ فصحّ ان يلحظ الجزء بما هو جزء بنحو اللحاظ البشرطلائي ، ويمكن ان يلحظ لا بشرط من ناحية كونه في قبال الكل وانه بعض منه ، بل بان يلحظ مع غيره من الأجزاء مجتمعة ، وحيث ان الكل هو الأجزاء المجتمعة فلحاظها لحاظ الكل فصحّ أن يكون لحاظ الأجزاء لا بشرط : أي لحاظها مع غيرها ـ لحاظا لكليّه.
إلّا انه بعد تصحيح ما في التقريرات ـ بما ذكرنا : من البشرطلائية واللابشرطية ـ يمكن ان يرد عليه : ان لحاظ الأجزاء مجتمعة لا بشرط ليس لحاظ الكليّة ، بل لحاظ الكلية لحاظ الأجزاء المجتمعة بشرط الاجتماع ، فيكون الفرق بين الجزئية والكلية هو لحاظ البشرطلائية والبشرطشيء لا اللابشرطية.