المقال ، في المقدمية وعدمها ، فنقول وعلى الله الاتكال (١) : إن توهم توقف الشيء على ترك ضده ، ليس إلا من جهة المضادة والمعاندة بين
______________________________________________________
(١) ينبغي اولا ، بيان ان المهم في هذه المسألة هو اقتضاء الامر بالشيء للنهي عن ضده الخاص دون ضده العام الذي سيتعرض لاقتضائه في الامر الثالث ، فلذلك ابتدأ في البحث عن اقتضاء الامر بالشيء للنهي عن ضده الخاص في هذه الجهة الثانية.
ثم لا يخفى ان الاقتضاء المذكور في العنوان هو استيجاب شيء لشيء وهو يشمل أي نحو من انحاء اللزوم ، إلّا انه لما كان من الواضح ان الامر بالشيء لا يستلزم النهي عن ضده الخاص بنحو اللزوم البين بالمعنى الاخص ، بحيث يلزم من مجرد تصور الامر بالشيء تصور النهي عن ضده الخاص ، ولا يستلزمه بنحو اللزوم البين بالمعنى الاعم كملازمة الزوجية للاربعة ، إذ لو كان كذلك لما احتاج إلى اقامة البراهين والنقض والابرام ، فلم يبق الّا اللزوم غير البين الذي يحتاج إلى اقامة البرهان.
وقد استدل عليه المشهور القائلون باقتضاء الامر بالشيء للنهي عن ضده الخاص ـ بعد البناء على الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدماته ـ ان من جملة مقدمات وجود الشيء عدم ضده الخاص ، واذا كان عدم الضد الخاص واجبا لانه مقدمة للواجب ولا ريب ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن نقيضه ـ كما هو واضح ـ مضافا إلى ما سيأتي التعرض له في الامر الثالث ونقيض العدم هو الوجود فاذا كان عدم شيء مطلوبا كان نقيضه وهو الوجود منهيا عنه ، فالامر بالشيء يستلزم وجوب عدم ضده الخاص المستوجب للنهي عن وجود الضد الخاص. فعمدة ادلة القائلين باقتضاء الامر بالشيء للنهي عن ضده الخاص هو المقدمية ، ولذا قال : «انما ذهبوا اليه» : أي إلى الاقتضاء لأجل توهم مقدمية ترك الضد ، فلذا اوجب ذلك التعرض لبيان السبب لتوهم كون عدم الضد الخاص من مقدمات وجود ضده.