فصل
الامر بالامر بشيء ، أمر به لو كان الغرض حصوله ، ولم يكن له غرض في توسيط أمر الغير به إلا تبليغ أمره به ، كما هو المتعارف في أمر الرسل بالامر أو النهي. وأما لو كان الغرض من ذلك يحصل بأمره بذاك الشيء ، من دون تعلق غرضه به ، أو مع تعلق غرضه به لا مطلقا ، بل بعد تعلق أمره به ، فلا يكون أمرا بذاك الشيء ، كما لا يخفى.
وقد انقدح بذلك أنه لا دلالة بمجرد الامر بالامر ، على كونه أمرا به ، ولا بد في الدلالة عليه من قرينة عليه (١).
______________________________________________________
(١) توضيحه انه اذا امر المولى بالامر بشيء فيكون متعلق الامر الاول هو الامر الثاني ، كان يقول المولى لعبده : أأمر فلانا بكذا :
فتارة : تقوم القرينة على ان الداعي الى الامر بالامر الثاني هو صرف التبليغ الى المأمور ولا غرض فيه غير الطريقية الى ايجاد المأمور به ، فلا شبهة في ان الامر بالامر بشيء امر بذلك الشيء الذي هو المأمور به في الامر الثاني.
واخرى : تقوم القرينة على ان الغرض كله منحصر في نفس الامر الثاني ولا تعلق له بالمأمور به الذي هو المتعلق للامر الثاني ، والغالب في مثل هذا ان لا يذكر المأمور به في الامر الثاني ويكتفي فيه بنفس كون الامر الثاني متعلقا فيقول المولى لعبده أأمر لبيان إعلاء شانه ـ مثلا ـ بانه ممن لهم الامر والنهي فيأمر الآمر الثاني بشيء وفي مثل هذا لا يكون الامر الاول امرا بالمأمور بالامر الثاني.
وثالثة : تقوم القرينة على ان الغرض غير منحصر في نفس الامر الثاني بل يكون متعلقا بالمأمور به بالامر الثاني حيث يكون ذلك مامورا به ، وحاصله انه يتعلق بالمأمور به بالامر الثاني بما هو مامور به وفي مثل هذا لا يكون نفس الامر الاول امرا بالمأمور الا بعد أمر الأمر الثاني به.