فصل
إذا نسخ الوجوب فلا دلالة لدليل الناسخ ولا المنسوخ ، على بقاء الجواز بالمعنى الاعم ، ولا بالمعنى الاخص ، كما لا دلالة لهما على ثبوت غيره من الاحكام ، ضرورة أن ثبوت كل واحد من الاحكام الاربعة الباقية بعد ارتفاع الوجوب واقعا ممكن ، ولا دلالة لواحد من دليلي الناسخ والمنسوخ بإحدى الدلالات على تعيين واحد منها ، كما هو أوضح من أن يخفى ، فلا بد للتعيين من دليل آخر ، ولا مجال لاستصحاب الجواز ، إلا بناء على جريانه في القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلي ، وهو ما إذا شك في حدوث فرد كلي مقارنا لارتفاع فرده الآخر ، وقد حققنا في محله ، أنه لا يجري الاستصحاب فيه (١) ، ما لم
______________________________________________________
(١) إذا نسخ الوجوب فهل هناك دليل على ثبوت حكم من الاحكام للمنسوخ ام لا؟ وتوضيحه يحتاج إلى بيان امور :
الأول : ان الدليل ينحصر في ثلاثة اشياء : دليل الناسخ ، ودليل المنسوخ ، والقواعد العامة ، والذي هو محل الكلام في دلالته هو دليل الناسخ ودليل المنسوخ وخصوص الاستصحاب من القواعد ، لأن هذه الثلاثة إذا وجد أحدها فهي مقدمة على بقية القواعد العامة ، واذ لم توجد فلا اشكال في جريان البراءة عن التكليف بالترك فيكون مؤداها ـ عملا ـ مساوقا للاباحة.
والثاني : ان في المسألة اقوالا :
الأول : بقاء الجواز بالمعنى الاعم الذي هو كالجنس للوجوب والاستحباب والاباحة.
الثاني : الجواز بالمعنى الأخص الذي هو الاباحة.
الثالث : الاستحباب.