فصل
إذا ورد أمر بشيء بعد الامر به قبل امتثاله ، فهل يوجب تكرار ذاك الشيء ، أو تأكيد الامر الاول ، والبعث الحاصل به؟ قضية إطلاق المادة
______________________________________________________
ورابعة : ان لا تقوم قرينة على شيء مما ذكرنا اصلا ولا يكون الّا الامر الاول بالامر بشيء.
فهل يحمل على الطريقيّة الصّرفة ويكون امرا بالمأمور به بالامر الثاني؟
أو يحمل على الموضوعية الصّرفة ولا يكون امرا بالمأمور به بالامر الثاني؟
أو يحمل على كون الأمر الثاني جزء الموضوع؟ وهذا هو الذي ينبغي ان يكون محلا للكلام ، واما ما قامت القرينة عليه وعلم كيفية الغرض فيه فينبغي خروجه عن محل الكلام ، وقد أشار الى الطريقية المحضة بقوله : «الامر بالامر بشيء امر به لو كان الغرض حصوله» كما يظهر من مثاله له بأمر الرسل بتبليغ الاحكام وأشار الى الموضوعية المحضة بقوله : «واما لو كان الغرض من ذلك يحصل بامره بذاك الشيء» وأشار الى الموضوع المركب من الامر الثاني والمأمور به بقوله : «او مع تعلق غرضه به لا مطلقا بل بعد تعلق».
وقد أشار الى ان الكلام فيما لم تقم القرينة عليه بقوله : «وقد انقدح».
وحاصله : انه قد اتضح ان هذه المذكورات انما تكون بعد قيام القرينة عليها فحيث لا قرينة فلا يكون لنا الّا امر بالامر.
وقد ظهر مما ذكرنا : انه يحتمل ان يكون امرا بالمأمور به ويحتمل ان لا يكون امرا به ، فكونه امرا به بعد ان كان محتملا في عرض عدم كونه امرا به فلا ينبغي ان يصار الى احد المحتملات من دون قرينة عليه ، ولم يصدر من الآمر الاول الّا امر بالامر وهيئته تدل على الطلب ومادته هو أمر الآمر الثاني بشيء ، ولا دلالة لمحض ذلك على نحو من الانحاء المحتملة في مرحلة الثبوت ، فلا يجب على العبد بمجرد اطلاعه على أمر الآمر الاول الامتثال قبل بلوغ أمر الآمر الثاني اليه.