منها نعم فيما كان الواجب من الافعال التسبيبية والتوليدية ، كان مترتبا لا محالة على تمام مقدماته ، لعدم تخلف المعلول عن علته ومن هنا قد انقدح أن القول بالمقدمة الموصلة ، يستلزم إنكار وجوب المقدمة في غالب الواجبات ، والقول بوجوب خصوص العلة التامة في خصوص الواجبات التوليدية (١).
______________________________________________________
(١) هذا شروع في الكلام مع صاحب الفصول القائل بوجوب خصوص المقدمة الموصلة : أي وجوب خصوص المقدمة التي يترتب عليها الواجب.
وحاصل البرهان الذي ينفي تقييد المقدمة بقيد انها موصلة بحيث يترتب عليها ذو المقدمة ما أشار اليه بقوله : «فلانه لا يكاد يعتبر في الواجب الا ما له دخل في غرضه» إلى آخر كلامه.
وتوضيحه : هو انه لا يعقل ان يكون الداعي إلى وجوب المقدمة الّا ما تتحمله المقدمة من ربطها وصلتها بذي المقدمة ، فلا بد ان نرى ان الغرض الداعي إلى وجوب المقدمة هل هو ترتب ذيها عليها أو التمكن من ايجاد ذيها بعد ايجادها؟
ولا يخفى ان ترتب ذي المقدمة لا يعقل ان يكون هو الغرض المترتب على كل جزء من أجزاء المقدمة ، فإن وجود المعلول انما هو من آثار وجود العلة التامة ولا يعقل ان يكون مترتبا على كل جزء من اجزائها لفرض كون العلة التامة مركبة ، واذا كان مترتبا على كل جزء من اجزائها لزم الخلف من كون المجموع هو العلة التامة له ، فلازم القول بالمقدمة الموصلة هو ان المترشح من الواجب النفسي وجوب واحد لمجموع العلة التامة كالوجوب الواحد النفسي المتعلق بالمركب من أجزاء متعددة ، وانما يكون لكل جزء من أجزاء المقدمة حصة من ذلك الوجوب الواحد المنبسط على الجميع ، فوجوب كل جزء من الأجزاء هو وجوب ضمني يكون ببسط الوجوب على جميع الأجزاء وان لكل جزء من أجزاء المركب حصة منه ، ولا يكون لكل جزء وجوب في عرض وجوب الجزء الآخر غير مرتبط امتثال كل منها بامتثال الجزء الآخر