من تقدمها بجميع أجزائها على المعلول (١) أشكل الأمر في المقدمة المتأخرة ، كالأغسال الليلية المعتبرة في صحة صوم المستحاضة عند بعض ، والاجازة
______________________________________________________
حصول المشروط ، أو المقتضي المتقدم كذلك المعدوم حال حصول مقتضاه وأثره ، وبالمتأخر زمانا بحسب الوجود بعد حصول المشروط والمقتضى.
(١) لأجزاء العلة على معلولها ـ : أي المقتضي والشرط ـ تقدم غير تقدم العلة على معلولها ، فإن أجزاء العلة تتقدم بالطبع وملاكه امكان ان يوجد السابق بدون اللاحق ، وعدم إمكان ان يوجد اللاحق ولا يوجد السابق ، كمثل تقدم الواحد على الاثنين فان ملاك التقدم الطبعي موجود فيه ايضا ، اذ يعقل ان يوجد الواحد ولا وجود للاثنين ، ولا يعقل ان توجد الاثنان ولا وجود للواحد ، والحال كذلك في المقتضي بالنسبة إلى مقتضاه فانه يعقل ان يوجد المقتضي ولا وجود للمقتضى : بان توجد النار ولا يوجد الاحراق ولا يعقل ان يوجد الاحراق ولا وجود للنار ، ومثله الشرط كمقاربة النار للجسم المحترق فانه يعقل ان توجد مقاربة النار للجسم المحترق ولا يحصل الاحتراق لوجود الرطوبة في الجسم المانعة من الاحتراق ولكنه لا يعقل ان يحترق الجسم ولا تكون مقاربة من النار له. والعلة التامة تتقدم على معلولها بالوجوب لا بالوجود اذ لا يعقل ان توجد العلة التامة ولا وجود للمعلول ، والّا لم تكن علة تامة فلا بد من لزوم المقارنة في الوجود بين العلة التامة ومعلولها ، ولكنه حيث كان لزوم وجود المعلول آت من ناحية العلة فهذه الضرورة واللزوم لوجود المعلول ليس لذاته بل من ناحية العلة ، فلا بد وأن تكون العلة متقدمة في الوجوب والضرورة على معلولها ، ولذا يقال : وجبت العلة فوجب المعلول ، الّا ان العلة التامة وأجزاءها وان اختلف ملاك التقدم فيهما لكنهما يشتركان في امر وهو انه لا بد من ان يكونا جميعا موجودين في زمان وجود المعلول ، فلا يعقل ان تتقدم أجزاء العلة بالوجود على المعلول وتكون حال وجود المعلول معدومة.
وأما العلة التامة فقد مر أنها لا بد من مقارنة زمان وجودها لوجود المعلول.