الثاني : إن الجهة المبحوثة عنها في المسألة ، وإن كانت أنه هل يكون للامر اقتضاء بنحو من الانحاء المذكورة ، إلا أنه لما كان عمدة القائلين بالاقتضاء في الضد الخاص ، إنما ذهبوا إليه لاجل توهم مقدمية ترك الضد ، كان المهم صرف عنان الكلام في المقام إلى بيان الحال وتحقيق
______________________________________________________
والبصر ، فإن العمى ليس هو اللابصر بل هو عدم البصر ممن له قابلية ان يكون بصيرا ولذلك يرتفعان عمن ليس له القابلية كالجدار فانه لا اعمى ولا بصير.
واخرى : هما الوجود والعدم اللذان لا يمكن ان يجتمعا ولا يرتفعا عن شيء اصلا كالبصر واللابصر ، فإن الجدار وان لم يصدق عليه العمى إلّا انه يصدق عليه انه لا بصر له ، وهذا التقابل هو تقابل الايجاب والسلب.
واذا عرفت هذا عرفت ان الضد باصطلاح اهل فن المعقول والمنطق يختص بالوجوديين ولا يشمل الوجودي والعدمي.
واما الضدان عند الاصوليين فهما مطلق المتعاندين سواء كانا وجوديين أو احدهما وجودي والآخر عدمي ، فالضدّية عندهم هي التعاند والتنافي ولذلك يقسمون الضد إلى عام وخاص.
ومرادهم بالضد العام مطلق العدم والترك فلو كانت الضدية عندهم كما هي باصطلاح اهل المنطق لما صح تقسيم الضد إلى المعاند الوجودي والعدمي.
ولا يخفى أيضا انه لا يشترط في المتضادين عند الاصوليين ان يكون بينهما غاية الخلاف ، فالسواد والحمرة عندهم من المتضادين أيضا ، وقد أشار إلى ان المراد بالضد في المقام هو الضد عند الاصوليين بقوله : «كما ان المراد بالضد هاهنا هو مطلق المعاند» إلى آخر كلامه.