لكان قصد الغاية مما لا بد منه في وقوعها صحيحة ، فان الامر الغيري لا يكاد يمتثل إلا إذا قصد التوصل إلى الغير ، حيث لا يكاد يصير داعيا إلا مع هذا القصد (١) ، بل في الحقيقة يكون هو الملاك لوقوع المقدمة عبادة ،
______________________________________________________
والتوصل بها إلى غايتها ام لا يتوقف على ذلك؟ وقد أشار المصنف إلى : انه قد انقدح مما مر انه لا يشترط في وقوعها عبادة وقربية على ذلك بما عرفت من مختاره في دفع الاشكالين المتقدمين : وهو ان هذه الطهارات بنفسها مستحبات نفسية وراجحات عبادية وهي بما هي كذلك مقدمة للواجب النفسي ، فحينئذ لا يشترط في وقوعها قربية قصد الغايات : أي قصد كونها مقدمة لغاية من الغايات المتوقفة عليها ، ولذا أن من المعروف انه يجوز اتيان الوضوء بقصد الكون على الطهارة ولا يلزم قصد استباحة الصلاة أو مس المصحف الكريم أو غير ذلك من الغايات المتوقفة على الوضوء أو غيره ، ولذا قال (قدسسره) : «قد انقدح مما هو التحقيق» وهو ما اشرنا اليه : من كونها بنفسها مستحبات نفسية وراجحات عبادية وبما هي كذلك مقدمة.
فيتضح من هذا التحقيق «وجه اعتبار قصد القربة في الطهارات» وهو قصد رجحانها النفسي وامرها الذاتي المتعلق بها وهو امر عبادي ، فلا تتوقف صحتها بمعنى وقوعها عبادية على قصد التوصل بها إلى غاياتها ، بل تتأتى صحتها ولو لم يؤت بها بقصد التوصل بها إلى غاية من غاياتها.
(١) حاصله : انه على ما سلكناه : من كونها بنفسها مستحبات نفسية وراجحات عبادية قد اخذ في نفسها قصد القربة مع الغض عن امرها الغيري لسنا بحاجة إلى تصحيح عباديتها من ناحية امرها الغيري ، بخلاف مسلك التقريرات وغيره ممن يظهر منهم حصر طريق عباديتها بقصد امرها الغيري ، فعلى مسلكهم هذا لا يعقل صدورها عبادة إلّا إذا قصد بها امتثال امرها الغيري ، وحيث ان الامر الغيري هو المترشح من الواجب النفسي وهو الغاية للامر الغيري ، فمعنى قصد الامر الغيري هو