إن قلت : التمانع بين الضدين كالنار على المنار ، بل كالشمس في رائعة النهار ، وكذا كون عدم المانع مما يتوقف عليه ، مما لا يقبل الانكار ، فليس ما ذكر إلا شبهة في مقابل البديهة (١).
قلت : التمانع بمعنى التنافي والتعاند الموجب لاستحالة الاجتماع مما لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه ، إلا أنه لا يقتضي إلا امتناع الاجتماع ، وعدم وجود أحدهما إلا مع عدم الآخر ، الذي هو بديل وجوده المعاند
______________________________________________________
الضد هو علة وجود الضد لا نفس الضد.
(١) حاصله : ان الوجدان إذا صادم البرهان ونفاه يكون البرهان ليس من البراهين الصحيحة بل هو من الشبهة في مقابل البديهة ، والشبهة في مقابل البديهة مرجعها إلى كون البرهان فاسدا من ناحية خفيّة فيعلم اجمالا ببطلانه وان لم يعلم وجه البطلان.
وهنا قضيتان وجدانيتان لازمهما كون وجود الضد متوقفا على عدم ضده.
الاولى : هي كون الضدين متمانعين فانه بالوجدان ان وجود الضد في المحل يمنع عن وجود الضد الآخر.
والثانية : وجدانية ـ أيضا ـ وهي ان عدم المانع مما يتوقف عليه وجود الشيء وهو من أجزاء علته وهذا امر وجداني لا يقبل الانكار. وضمّ القضية الاولى إلى الثانية يقتضي توقف وجود الضد على عدم ضده ، ومع قيام الوجدان على هذا التوقف لا ينبغي ان يعبأ بما ذكر : من البراهين على عدم توقف وجود الضد على عدم ضده ، وقد أشار إلى الاولى بقوله : «التمانع بين الضدين كالنار على المنار» والى القضية الثانية بقوله : «وكذا كون عدم المانع» إلى آخره ، والى كون البرهان الذي يقوم الوجدان على خلافه فاسد قد خفى وجه فساده بقوله : «فليس ما ذكر إلّا شبهة في مقابل البديهة» فليس هو ببرهان في الحقيقة بل هو مغالطة قد خفى وجهها.